الحكومة على موعدها الافتراضي قبل عيد الاستقلال، والجميع يرغب في تشكيلها غداة هذه المناسبة الوطنية، كما يقول الرئيس نبيه بري، رغم اقراره بوجود عقبات.
لكن هذه العقبات، لا يمكن ان تقاس بالمخاطر الممكن ان تترتب على تأخير صدور التشكيلة الوزارية، حتى رأس السنة، بفعل المهل المرتبطة بموعد الانتخابات النيابية المرتقبة في أيار، وبقانون الانتخابات الجديد الذي يتعين خروجه من شرنقة البرلمان الحالي، وإلاّ بتنا أمام المحظورين: قانون الستين المعدل والساري المفعول، أو التمديد للمجلس، تقنيا، أو تقليديا، وكلاهما أبغض الحلال عند سيّد العهد الجديد.
وعلى الرغم من الاشارات الاقليمية المشجعة والدولية الدافعة، والتي تنبئ بوضع لبنان خارج المعمعة الشرق أوسطية المفتوحة، والدليل تمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني، من تحت نوافذ الانتخابات الأميركية التي فاجأت نتائجها العالم، بعكس ما توقعت استطلاعات الرأي أو القراءات الفلكية، فان البعض ما زال يتعامل مع حكومة الوفاق الوطني، وكأنها خارج أجواء الوفاق الذي تحمل اسمه، ويتحدث عن ضمانات وتطمينات.
بمعزل عما أثبتته التطورات من ان ضمانة هذا العهد منه وفيه، فالاحتضان النيابي للرئيس عون، ثم للرئيس الحريري، أزال الفروقات بين من كان مع ومن كان ضد الى درجة نعي النائب وليد جنبلاط ٨ و١٤ اذار، ومعهما الوسطية التي بدت كالمجرى الجاف بين ضفتي النهر المتباعدتين.
البعض يتجاهل كون ما يجري تشكيله هو في الواقع حكومة انتقالية، مداها العمري لا يتعدّى الستة أشهر، إلاّ اذا كان في ذهن البعض قناعة راسخة، بأن كل مؤقت دائم في لبنان.
لكن ديمومة المؤقت مستبعدة في لبنان بالمرحلة الراهنة، لأنها تعني العودة الى التمديد للمؤسسة التشريعية، والتمديد من محرمات عهد التغيير والاصلاح، أكان للمؤسسات أم للأشخاص، هكذا كان وهكذا يفترض ان يستمر، فالانهاء عن أمر والاتيان بمثله يربك الناهي ويحيط المراهنين عليه، لذلك، لا جدال في هذا، كما يبدو ويظهر.
الرئيس الحريري متفائل، ربما لأن تشكيلته الحكومية على مستوى التيار وحلفائه باتت جاهزة، إنما تبقى المشكلة عند بعض الشركاء، وحول الأسماء، أكثر مما هي حول الحقائب، وأصل المشكلة، شهية البعض الاستيزارية، والمتابعون يعتقدون ان مثل هذه الحال تتكرّر عندما نكون أمام حكومة إنتخابات نيابية، كحال الحكومة الحاضرة، حيث يتهافت الطامحون للنيابة على التواجد في الحكومة، لأن خوض الإنتخابات النيابية من داخل الحكومة المشرفة على هذه الإنتخابات غيره من خارجها، وبهذا يكون المرشح الوزير، داخل اللعبة الإنتخابية وليس على هامشها، ومزاج الناخب اللبناني معروف وموصوف، والحكم في لبنان، سيف ومنسف كما يقول الإعراب، السيف سيف السلطة، والمنسف موائد المقتدرين، إنها ديمقراطيتنا المتميزة…
واللافت أنه ليس كل المندفعين للمشاركة بالحكومة، مرشحين للإنتخابات النيابية المقبلة، بل الغريب أن هناك من يطرح نفسه للوزارة، كتتويج لحياته السياسية، وتكريماً لها، مقدّمة لإفساح الطريق أمام الطامحين.
ومؤكد أن الرئيس عون والرئيس الحريري، متفهمان لظروف البعض ولمتطلبات البعض الآخر لكن في النهاية لا بد من ضرب حديد العهد وهو حام… ومن هنا رسو آخر التوقعات الحكومية على نهاية الأسبوع المقبل…