ما الذي سيحصل بعد الكلام والاسفاف الذي صدر عن الوزير جبران باسيل بحق الرئيس نبيه بري، والذي فاقم الازمة السياسية خصوصاً بعد قضية مرسوم الضباط؟
لا جواب نهائي حول ما يمكن ان يستجد على صعيد هذه الازمة، لكن المؤكد ان تداعياتها ستصيب اداء المؤسسات وتخلق المزيد من اجواء عدم الثقة بين المراجع والجهات الرسمية والسياسية.
الرئيس بري اكد امام النواب امس ان موضوع استقالة الحكومة لم يناقش، وانه لم يطلب من احد اللجوء الى هذا الخيار. لكن مصادر سياسية بارزة تؤكد في الوقت نفسه ان امتناع باسيل عن الاعتذار للبنانيين واستمرار اجواء التشنج الذي فجره «كلامه الانتخابي» سينعكس بطبيعة الحال على الحكومة اجتماعا واداء وربما مصيراً.
ويستدرك المصدر قائلاً صحيح ان ليس هناك قرارا بتطيير الحكومة، لكن السائد اليوم يصيب الحكومة في الصميم. فما جرى منذ توقيع مرسوم الضباط من دون وزير المال مروراً بالتراشق الاعلامي الذي تلا ذلك وانتهاء بما خرج على لسان باسيل من كلام وشتائم خلق ويخلق مناخاً سلبيا على اداء الحكومة، هذا مع العلم ان رئيسها يحاول ان يظهر نفسه في موقع «الحيادي والمصلح».
وبرأي المصدر ان هذه المستجدات والتوترات بالاضافة الى الدخول في اجواء المعارك والاصطفافات الانتخابية ينعكس حكماً على وضع واداء الحكومة التي هي غير محصنة اليوم بسبب الخلافات الحادة التي اشتدت مؤخراً بين اطرافها ومكوناتها.
ومما لا شك فيه ان التوتر الشديد الذي نجم عن خروج باسيل عن ادبيات الكلام والمواقف سيؤثر ايضاً، كما يرى المصدر، على وضع التحالفات الانتخابية لا سيما في دوائر معينة مثل جبيل – كسروان، وزحلة، والبقاع الغربي وقبلها صيدا – جزين.
والاعتقاد السائد ايضا لدى مراجع بارزة ان هذه الاجواء ستستمر الى ما بعد الانتخابات، لا سيما انه لا يوجد اي مؤشر يدل على امكانية احتواء الازمة او معالجة ذيولها في وقت قريب.
وفي المقابل، فان ما جرى ويجري من تشنج وتوتر واحداث في الايام القليلة الاخيرة لن يتجاوز سقف الاستقرار الامني في البلاد، كما تؤكد المراجع، مشيرة في هذا المجال الى ان الرئيس بري برهن مرة اخرى انه رجل دولة رغم ما تعرض له، وانه حريص على الاستقرار والامن الى ابعد الحدود ولن يسمح بزعزعة الوضع الامني كما عبر بلغة حاسمة امام النواب امس.
لا بل ان الرئيس بري ذهب الى حدّ الاعتذار من اللبنانيين الذين اصابهم اذى في احداث الايام الاخيرة، رغم معرفة الجهات المعنية – السياسية والامنية انه تدخل دائما وبشكل مباشر من اجل منع التحركات والتظاهرات التي جرت في المناطق والتي لم تكن لا بقرار منه ولا من حركة «امل».
الامر الثاني الذي لن يتأثر بالازمة وتداعياتها هو الانتخابات النيابية التي ستجري في موعدها كما جدد الرئيس بري التأكيد عليه في لقاء الاربعاء، معتبرا ان هذا الامر محسوم وان الاستحقاق الانتخابي حاصل حتما.
وحسب النواب الذين زاروه امس فان الرئيس بري كان حاسماً في تشديد على «اننا نحن من يصون ويحفظ الاستقرار ونحرص عليه ونريد ان يستمر ويتعزز، ونحن ايضا من يعمل على انتظام عمل المؤسسات في اطار الدستور والطائف، ولا يمكن ان نتجاهل او نتساهل تجاه اي تجاوز لهذا الاطار»