IMLebanon

الحكومة «باقية بحكم الشغور» والاهتداء إلى قانون انتخابي يحتاج إلى نقلة نوعية

بانتظار ورود النسخة الجديدة من تداعيات الحرب السورية على لبنان، خصوصاً من جهة اتساع وارتفاع وتيرة الاستنزاف الواقع فيه «حزب الله« في ريف حلب، لا تلفح أي نسمة هواء جديدة على صعيد الشغور الرئاسي، ولا يبدو في الوقت نفسه ان النزعات «الطاردة» داخل الحكومة الحالية ستتجاوز المعادلة القائمة بشكل أو بآخر منذ تشكيل هذه الحكومة استباقاً للشغور الرئاسي وتحضيراً لتأمين اطار مؤسسي ما في ظل فراغ دستوري كان يبدو من بداياته مزمناً، ويبدو انه مزمن أكثر مما توقع الأكثر تشاؤماً آنذاك. 

في الاستقالة الكتائبية الأخيرة من الحكومة تظهر مفارقة هذه الاستقالة، ومفارقة هذه الحكومة، ومفارقة الشغور الرئاسي في وقت واحد: صحيح ان الاشكال وقع داخل «الكتائب« بين من يرى الاستقالة من دون تصريف الاعمال، وبين من ينادي أقله بتصريف الأعمال، لكن الفكرة ليست هنا. الفكرة ان أي استقالة مؤجل بتها الى حين انتخاب رئيس، وحين انتخاب رئيس تصير أساساً الحكومة منتهية، ويباشر الإعداد لواحدة جديدة. بالتالي، يمكن لوزير الآن ان يعلن انه مستقيل، نصف مستقيل، مستقيل عن تصريف الاعمال، ويمكنه ان يعود عن استقالته أنى شاء، طالما الكل معلّق حتى ساعة إنهاء الشغور. وبهذا المعنى، فان الاستقالات من الحكومة، أياً كانت درجتها ونوعها، هي انعكاس لمسار تبدو فيه كل وزارة أو كل وزير حكومة بذاتها، ويصير مفهوم مجلس الوزراء منفصلاً بشكل أو بآخر عن المفهوم السياسي للحكومة. أساساً هي حكومة بمفارقة جوهرية في فترة الشغور الرئاسي: الشغور يجعلها أكثر من حكومة، يجعلها مجلس ادارة مركزياً للأوضاع اللبنانية، طالما انه لا رئيس، وطالما انه لا تشريع طبيعي لمجلس النواب قبل انتخاب رئيس. في نفس الوقت، وهي للأسباب نفسها، وبسبب التعطل المؤسسي العام، وعدم مراعاة المواقيت الدستورية في الانتخابات الرئاسية كما النيابية، أقل من حكومة: هي من الأول حكومة تصريف أعمال، والاستقالة منها لتصريف الأعمال (الحضور الى مكتب الوزارة والعزوف عن طاولة مجلس الوزراء) فيها شيء من العبثية، والاستقالة دون تصريف الأعمال فيها قدر من العبثية أيضاً، والاستمرار فيها عبثي بالمطلق، خصوصاً وانه يظهر في شكل الاضطرار لا الخيار، وبمنسوب تصدع يتصاعد. 

بالتوازي، يقترب شهراً في اثر شهر موعد انتهاء مدة التمديد الثاني للمجلس النيابي الحالي، وثمة جو ضاغط أكثر فأكثر باتجاه اجراء الانتخابات النيابية، ولا يعرف كيف يمكن لهذا الجو ان يتفاعل مع موضوع الشغور الرئاسي، أما الجدل حول القانون الانتخابي فعلى حاله، والتكرار سيد الموقف، سوى الطرح الذي وجد طريقه، أو أوصله، رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل بالأمس لطاولة مجلس الوزراء بالاجتراء على خطوة اصلاحية كبيرة، من مثل اعتماد الدائرة الفردية خارج القيد الطائفي، ويمكن أن يرشق هذا الطرح بعض الشيء، بحيث تكون ترجمة هذا الكلام اقرار مبدأ صوت واحد لكل ناخب مع الابقاء على الأقضية الحالية كدوائر انتخابية. 

يمكن النقاش في الأمر أكثر، بل ينبغي افساح المجال لذلك، فطرح الدائرة الفردية لم يؤخذ بالجدية المطلوبة في تاريخ لبنان الانتخابي بعد، وثمة من ربى الوهم بأن النسبية والدائرة الواحدة لكل البلد هي الطريق نحو الاصلاح، علماً ان هذا الوهم المبالغ في «اللاطائفية» أمكن ايجاد نسخة طائفية متشددة له، في «القانون الارثوذكسي»، حيث لبنان دائرة واحدة، وبالنسبية، انما لكل طائفة على حدة!!