IMLebanon

بقاء الحكومة معطّلة أجدى أم تصريف الأعمال؟ موقف المشنوق رسم متراس وقف التنازلات

أيهما الاجدى بالنسبة الى الوضع الذي وصل اليه لبنان راهناً: ان تبقى الحكومة معطلة بناء على اعلان العماد ميشال عون مقاطعة اعمالها حتى تلبية مطالبه بتعيينات امنية رفع السقف كثيراً في شأنها في ظل استحالة تلبيتها ما لم يصر الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتاليا تضامن “حزب الله” معه، أم انه من الافضل ان تذهب الحكومة الى تصريف الاعمال فيتحرر رئيس الحكومة تمام سلام من الابتزاز الذي يمارسه المعطلون من جهة فيما يصغر حجم المطلوب او التوقعات من الحكومة وتاليا تحقق نتائج افضل مما هو متوقع منها؟

حتى الآن كان الحرص الداخلي على إبقاء الحكومة كربط نزاع بين كل الأفرقاء في ظل استمرار الشغور في الرئاسة الأولى. وكذلك فان الخارج ابدى حرصاً أكبر على بقائها واستمراريتها انطلاقاً من الرغبة في ابقاء امكان التواصل مع مرجعية دستورية مقررة بالحد الادنى الى درجة انخراط بعض الديبلوماسيين في الجهود من اجل إرضاء العماد عون بترقية العميد روكز من اجل الحؤول دون تعطيلها. لكن مع تصعيد المواقف على اثر الخلاف على التعيينات الأمنية، فان بقاء الحكومة لا يزال عاملاً يصر كثر على استمراره في الداخل والخارج من دون ان يمنع ذلك بروز سؤال اساسي حول جدوى بقائها في ظل الشلل الذي تواجهه باعتبار ان عدم استمراريتها ربما يؤدي الى وضع يساهم في تحفيز العمل على اعادة احياء المؤسسات الدستورية. وتالياً فان السؤال ليس مستنداً الى عناصر وهمية بل على العكس من ذلك خصوصاً في ضوء بروز جملة مواقف اساسية في الايام الاخيرة في شكل خاص: احدها موقف زعيم تكتل التغيير والاصلاح الذي اعلن صراحة مقاطعة الحكومة معتمداً على دعم حليفه الشيعي. وثانيها موقف هذا الحليف اي “حزب الله” الذي يقول باستمرار الحكومة ودعم بقائها في الوقت الذي يحاول التوفيق بين ما يعلنه في هذا الشأن وبين التضامن مع حليفه المسيحي في مقاطعة اعمال مجلس الوزراء فيساهم معه، أحب ذلك ام لم يحبه، في موقع من يعطل الحكومة وقدرتها على إتخاذ قرارات تساهم في ادارة شؤون الناس على نحو يعطي فكرة واضحة على أفضلية التضامن مع حليفه على أي شيء او أمر آخر، في حال أخذ الموقف المعبر عنه بالتمسك بالحكومة كما هو من دون الغرق في تحليل ما اذا كان موقف الحليف المسيحي يغطي أهدافاً اكبر يختبىء وراءها الحزب. وثالثها موقف تيار المستقبل الذي تفيد المعطيات ان ما اعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق كان معبراً جدا عنه وليس عابرا بغض النظر عن الجدل الذي اثاره حتى داخل التيار باعتبار انه كان مفاجئاً نوعا ما. اذ ان التيار اراد ان يوجه رسالة واضحة تقضي برسم خط عريض او متراس من أجل التأكيد بانه لا مجال للتنازلات بعد اليوم ان في شأن السعي الى تسيير مجلس الوزراء او من أجل تأمين استمرارية الحوار بعدما قدم التيار الكثير على هذا الصعيد من دون ملاقاته في منتصف الطريق بأي رد فعل ايجابي. وتالياً هل الافضل للرئيس سلام ان يبقى رئيساً لحكومة معطلة عاجزة يحاول ان يدور الزوايا من اجل تأمين جلسة يتيمة لمعالجة ازمة النفايات التي باتت وكأنها مرتبطة بأزمة الصراع السني الشيعي في المنطقة حيث يرفض الحزب الموافقة على مطمر في البقاع ما يهدد ما تم التوافق عليه بالنسبة الى مطمر سرار في عكار مثلا وفي ظل عدم موافقة المسيحيين على المشاركة بدورهم في حل الأزمة ام انه سيكون من الأفضل ترؤسه حكومة تصريف أعمال يعاد من خلالها حل الكثير من الأمور نتيجة غياب اي افق اخر لها في ظل عدم وجود حكومة؟

هذا الجدل لم يفتح بعد علناً على غرار ما فتح مثلاً موضوع التعيينات الامنية في وقت سابق لكنه لن يتأخر في الخروج من الكواليس الى العلن بعد إنجاز ملف الاتفاقات والقروض في جلسة تشريعية تكتسب أهمية بالغة تحت وطأة ان يتحمل الافرقاء المسيحيون في شكل خاص نتيجة الشروط التي يضعونها على انعقاد جلسة تشريعية وان كانت مختلفة بعض الشيء مسؤولية خطورة عالية بدأت ترتسم حول الوضع الاقتصادي في ظل خفض تصنيف لبنان وانذار البنك الدولي الذي كشفه رئيس مجلس النواب نبيه بري بحرمان لبنان لمدة طويلة من القروض. فالمطلوب كان ولا يزال تحييد مصالح البلد واللبنانيين عن الصراع السياسي القائم وهو ما لا يحصل راهناً. وما ينطبق على تمرير القروض في مجلس النواب يفترض ان ينسحب على الحكومة. وثمة من يرى في التحذيرات التي يطلقها الرئيس سلام منذ بعض الوقت عاملا ينبغي ان يأخذه المعطلون في الاعتبار في حال شاؤوا استمرار الحكومة وتالياً عدم دفع رئيس الحكومة الى استخدام هذه الورقة علماً ان هناك اراء متعددة تتوزع الموقف من بقاء الحكومة او تحولها الى حكومة تصريف أعمال. ويخشى البعض في هذا المجال ان يكون الرهان على ضغط يمكن ان يمارسه “حزب الله” على حليفه المسيحي من اجل ابقاء الحكومة قائمة عقيما خصوصا انه عمد في الفترة الماضية الى الضغط على الاخرين من اجل تعويض حليفه التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي على رغم مشاركته في هذا التمديد.