يتساءل اللبنانيون والمعنيّون، لماذا «طار» أو أُرجىء بند التعيينات العسكرية في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وما مدى صحة المعلومة التي تعزو تريّث رئيس الحكومة سعد الدين الحريري في تسمية العميد محمود الأسمر لخلافة اللواء المتقاعد سعد الله حمد أميناً عاماً للمجلس الأعلى الدفاع، لرفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذا الأمر؟ وهل من أسماء أخرى مطروحة، أم سيصرّ الحريري على مرشحه؟ وما مدى دقّة المعلومات التي تحدثت عن اشتراط الحريري استبعاد اسم أحد العمداء المسيحيين من التعيينات العسكرية في حال إصرار فريق رئيس الجمهورية على استبعاد الأسمر؟
وفق المعلومات، سينعقد مجلس الوزراء غداً ويُصدر مراسيم التعيينات بنسبة 80 في المئة، تُضاف اليها تعيينات أخرى يختلف عليها بعض الأفرقاء، وتتعلق بمديري جامعات ومديرين عامّين لمؤسسات مختلفة، فيما يبقى مسار التعيينات العسكرية المؤشر الى ما ستؤول اليه الأمور والى الجهة التي ستتمكن من فرض كلمتها في مسار التعيينات.
في وقت ترجّح مصادر مطلعة طرح مخرج يقضي باستبعاد احد العمداء المسيحييّن مقابل استبعاد تعيين الأسمر، بناءً على طلب الحريري على قاعدة التسوية المتعادلة تماثلاً باعتراض عون على خيار الحريري .
وحسب مصادر مطلعة، فإنّ جلسات الحكومة تشهد سابقة خطيرة، اذ لم يحصل في التعيينات ان يُرفض إسمٌ سنّي يطرحه رئيس الحكومة ويعترض عليه رئيس الجمهورية، لأنّ الأفرقاء غالباً ما يتوافقون على الأسماء في التعيينات على قاعدة توزيع المغانم .
لكن معلومات المساء ناقضت معلومات الصباح، والتي أفادت انّ رئيس الجمهورية قَبِل، بناءً لطلب الحريري، الإبقاء على الأسمر مقابل التزام رئيس الحكومة بتسريع جلسات الحكومة والإتفاق على تعيينات إدارية أخرى كانت هي أيضاً موضع خلاف بين الفريقين.
تجدر الإشارة، الى أنّ التشكيلات العسكرية تصدر دوريّاً ضمن الإجراءات الروتينية. أما تعيينات المجلس العسكري فتضمّ ممثّلاً عن كل طائفة وتتميّز عن بقية التعيينات أنّ الضابط الذي يُعيّن يُمنح رتبة لواء، وبهذا تُكرّم كل الطوائف.
والمعروف، أنّ ترفيع الضابط إلى رتبة لواء يضيف سنة الى سنين خدماته، أي يتقاعد في التاسعة والخمسين بدلاً من الثامنة والخمسين.
ووفق المعلومات، انّ العميد خليل يحيى من بين الاسماء المطروحة لمنصب الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، لكن عقبة تاريخ ميلاده تبقى المشكلة، لأنه وفي حال تعيينه حاليّاً سيبقى 7 سنوات في منصب لواء، خصوصاً اذا تمّت ترقيته، علماً أنّ الحريري كان وعده بهذا المنصب وتحديداً قبل تعيين الحمد الذي أُحيل الى التقاعد.
وكان الحريري إختاره قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة على خلفية انتمائه الى عشيرة كبيرة في عكار. ويحيى هو من حيث الكفاية يستحق هذا المنصب كما من حيث الأقدمية.
لكن الجدير ذكره، انه وكما جرت العادة، ليس من مصلحة المعنيين تعيين لواء في منصب لأكثر من سنتين لكي يتسنّى لهم الاستفادة من تعيينات أُخرى بعد سنتين او ثلاث خدمة لمصالحهم السياسية .
من الاسماء الأخرى المطروحة لهذا المنصب أيضاً العميد عبد الكريم الهاشم. لكن البعض استبعده لإرتباط اسمه الى حد ما في عملية عرسال، حيث كان قائد اللواء المنتشر فيها عندما دخلها مسلحو «داعش» و«جبهة النصرة» واختطفوا العسكريين…
اسماء شمالية أُخرى مطروحة أيضاً للمنصب ومنها العميد الركن فواز عرب، وهو شغل منصب الملحق العسكري في مصر، وأيضاً العميد الركن وليد سمرجي وهو أيضاً من دورة 1985.
وتفيد المعلومات، انّ التعيينات لم تُقرّ في الجلسة السابقة لأنّ رئيس الجمهورية طلب من الحريري إعادة النظر في تسمية مرشحه للمجلس الاعلى للدفاع لاعتبارات عدة يرتبط معظمها باعتراض قيادة الجيش، فيما لم يبدُ رئيس الحكومة متمسكاً بمرشحه على رغم من وعوده للأسمر، والتي اعتبرها قريبون من الأخير بأنّها «شبه محسومة»، لكن إرجاء البحث في التعيينات اثار الشكوك ودفع المعنيين الى إعادة النظر في مواقفهم والوعود.
على انّ إصرارالحريري على الاسماء التي اقترحها للتعيين تسبّب في تفاقم الخلاف بينه وبين عون، وكاد يحول دون انعقاد مجلس الوزراء. لكن أمام إصرار الحريري على الأسمر، وطلبه الأمر شخصياً من عون مساء أمس، وافق الرئيس على طلبه. علماً انّ الحريري كان استبق هذا الطلب مشيداً بأهمية التسوية السياسية بينه وبين العهد واعتبرها «زواجاً مارونياً»…
ورجحت المصادر نفسها إمرار مراسيم التعيينات في جلسة غد، في ظل خشية من ان تشهد هذه الجلسة مفاجآت أخرى قد تطيح التوافق بعدما تخطّت مطب التعيينات.