IMLebanon

الحكومة لن تغفل الـ550 الف نازح سوري غير المسجلين لدى مفوضية الامم المتحدة

 

تقضي المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، وبحسب إحصاءات السفارات الروسية المنتشرة في أنحاء العالم، بإعادة أكثر من 6 مليون و675 ألف و308 نازحين سوريين مسجّلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 45 دولة. غير أنّه من هذا العدد لم يُبدِ سوى مليون و712 ألف و264 نازحاً سورياً رغبتهم في العودة الى وطنهم من 9 دول فقط. كما أكّدت الاحصائيات ان 30 دولة من أصل 45 معلومات المفوضية عن عدد النازحين فيها، ومن ضمنها لبنان، فيما لم تؤكّد 15 دولة منها على أعداد المفوضية بالنسبة لاستقبال النازحين على أراضيها.

 

وتقول أوساط ديبلوماسية مواكبة للملف، أنّ لبنان هو من ضمن الـ 30 دولة التي أكّدت على معلومات المفوضية، إذ أنّه لم يعترض على العدد المسجّل لديها حتى 1 تشرين الأول من العام 2019، وهو 950.334 نازحاً سورياً. ولعلّه هنا يكمن الخطر الذي لم يُنبّه اليه أحد في لبنان، أو الذي يعمل المسؤولون اللبنانيون على إغفاله بهدف الحصول على مساعدات وقروض مؤتمر «سيدر» التي لا تؤمّن فرص العمل للبنانيين فقط، إنّما لغير اللبنانيين أيضاً، أي للنازحين السوريين في لبنان من غير المسجّلين لدى المفوضية، والذين يتمّ إضافة عددهم الى المسجّلين عندما يجري الحديث في أي مناسبة، داخلية وخارجية، عن عدد النازحين السوريين الذين يستضيفهم لبنان بأنّه يتعدّى المليون ونصف مليون، من دون أن يتمّ الإعتراض على العدد النهائي المقدّم من قبل المفوضية الى المجتمع الدولي.

 

ولهذا، فإنّ المبادرة الروسية وبحسب الاوساط، تعمل بهدف إعادة عدد المسجّلين لدى المفوضية فقط، علماً أنّ عدداً كبيراً منهم قد أبدى رغبته في العودة الى بلاده، وصل حتى الآن الى 889.031 نازحاً، ما يعني أنّ 61 ألف و303 نازحين فقط من عدد المسجّلين لدى المفوضية في لبنان لا يزال متردّداً حول اتخاذ قرار العودة. غير أنّ هذا العدد لا يُعتبر شيئاً أمام عدد النازحين السوريين الباقين الذي يتحدّث عنهم لبنان في المؤتمرات الدولية إذ يُعلن أنّه يستضيف أكثر من مليون ونصف مليون. فإذا تمكّنت المبادرة الروسية من إعادة الـ 950 ألف المسجّلين لدى المفوضية، فما الذي سيحلّ بالـ 550 نازح سوري الذين يعيشون في لبنان ويعملون فيه، وينافسون الشبّان اللبنانيين على بعض المهن.

 

فتأكيد لبنان لأرقام المفوضية من دون أي تنويه بعدد النازحين السوريين الذين يقيمون في المساكن في مختلف المناطق اللبنانية، يطرح تساؤلات حول مصير هؤلاء كون المجتمع الدولي لا يعترف بهم، كما المبادرة الروسية التي تعتمد على أرقام مفوضية الأمم المتحدة في الدول المضيفة للنازحين السوريين، رغم تعاونها وتنسيقها مع الوزارات المعنية فيها، ورغم وجود اللجان المشتركة في هذه الدول. ونوّهت الاوساط أنّ النازحين السوريين الذين يقطنون الخيم لا يُشكّلون أي مزاحمة للشباب اللبناني على فرص العمل، في حين أنّ غير المسجّلين، والذين يعتبرون أنفسهم سيّاحاً في هذا البلد هم الذين يُنافسون الشباب اللبنانيين ما يدفع هؤلاء الى الهجرة بحثاً عن لقمة العيش، وهنا يكمن الخطر الأكبر.

 

وفي رأي الاوساط، لا يكفي أن يُعلن لبنان الرسمي رفضه مبدأ التوطين إن للاجئين الفلسطينيين، أو للنازحين السوريين على أرضه، أو حتى عدم موافقته على دمج هؤلاء في مجتمعه، على ما طالب المجتمع الدولي من الدول المضيفة للسوريين في فترة سابقة، لأنّ الـ 550 ألف نازح سوري غير المسجّلين والذين يُمارسون المهن في لبنان خلافاً لتلك التي ينصّ عليها القانون المتعلّق بهم (أي المحصورة فقط في الزراعة والبناء، والنظافة)، ولا تتمّ ملاحقتهم، أو حتى دراسة إذا ما كان سوق العمل المحلي بحاجة اليهم كيد عاملة، سيصبحون «موطّنين» حُكماً خلال السنوات المقبلة. لهذا لا بدّ من أن تقوم الوزارات المعنية بإحصاء فعلي لعدد هؤلاء وأماكن سكنهم، وإبرازه الى المجتمع الدولي خلال المؤتمرات المتعلّقة بملف النزوح السوري، ليتمّ إضافته الى العدد المقدّم من قبل مفوضية الأمم المتحدة.

 

ولعلّ أبرز ما يعيق تطبيق المبادرة الروسية، على ما كشفت الاوساط، ليس فقط عدم تأمين أموال الصندوق الكافية لإعادة إعمار سوريا والتي تُقدّر ما بين 350 و500 مليار دولار، والتي تقوم روسيا والصين وألمانيا بتغذيته فقط حالياً، إنّما عدم إبداء عدد كبير من النازحين السوريين الرغبة في أنحاء العالم في العودة الى بلادهم. فمن أصل اكثر من 6.675.308 مليون نازح في 45 دولة في العالم، أبدى 1.712.264 فقط عن رغبتهم في العودة، نحو نصفهم من لبنان إذ 889.031 نازحاً سورياً فيه من أصل 950334 مسجّلين يريدون العودة، فيما أعرب 297.342 نازحاً سورياً في تركيا فقط من أصل 3.622.366 مسجّلين لديها، و174.897 في ألمانيا فقط من أصل 534.011، و149.268 في الأردن فقط من أصل 671.148، و101.233 في العراق من أصل 252.772، و99.834 في مصر من أصل 132.553، و412 نازحاً سورياً فقط في الدنمارك من أصل 17.995، و149 في البرازيل (التي لم تؤكّد على أرقام المفوضية عن عدد النازحين السوريين الموجودين على أراضيها)، و68 في النمسا من أصل 42.505، و30 نازحاً سورياً في الأرجنتين من أصل 1496عن الرغبة في العودة الى وطنهم.

 

وبما أنّ نصف النازحين السوريين تقريباً الذين يريدون العودة الى سوريا هم من لبنان، ترى الأوساط نفسها، بأنّه من مصلحة الحكومة الحالية ليس فقط الترحيب بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، بل وأيضاً العمل على إقرار ورقة سياسة الحكومة في اتجاه النازحين، على ما نصّ عليه البيان الوزاري لحكومة «الى العمل»، على أن تشير الى النصف مليون نازح سوري الذين لم تأتِ المفوضية على ذكرهم، كونهم غير مسجّلين لديها، إلاّ أنّهم يقيمون فعلياً على الأراضي اللبنانية بفعل النزوح من المعارك الدامية التي شهدتها بلادهم خلال السنوات الأخيرة.

 

وذكرت الاوساط، أنّ بقاء نصف مليون نازح سوري في لبنان من غير المسجّلين لدى مفوضية الأمم المتحدة، فضلاً عن وجود بين 300 و500 ألف لاجىء فلسطيني على الأراضي اللبنانية، يجعل نحو مليون لاجىء ونازح غالبيتهم من الطائفة السنيّة، «مندمجين» في المجتمع اللبناني إذا لم تتمّ معالجة وضعهم في أسرع وقت ممكن من قبل الحكومة الجديدة. ولهذا، فإنّ إخراج موضوع النازحين السوريين من التجاذب السياسي لما فيه مصلحة لبنان، سيكون من أولويات الحكومة، والإصرار على أنّ الحلّ الوحيد هو بعودتهم الآمنة، (وليس الطوعية) الى بلادهم، ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو إدماجهم أو توطينهم في لبنان، على ما ورد في البيان الوزاري، يُشكّل الخطوة الأولى والأخيرة التي يجب البناء عليها داخلياً وخارجياً لتحقيق هذه العودة.

 

وشدّدت الاوساط على أنّ لبنان سيقوم بترويج عبارة «الآمنة» بدلاً من الطوعية بالنسبة للنازحين السوريين على أراضيه، في المؤتمرات الدولية ذات الصلة، علماً بأنّها تحتاج الى إعطائهم الضمانات التي تجعل عودتهم هذه «آمنة»، سيما بعد أن توافرت ظروف العودة فيما يتعلّق باستعادة أكثر من 80 في المئة من المناطق السورية الأصلية التي فرّوا منها، أجواء الأمن والاستقرار التي تُساعد على إعادة إعمار ما تهدّم وتأهيل الطرقات والجسور والبنى التحتية.