بعدما تمَّ تحديد حصص الأفرقاء الوزارية (النسب)، يتمحور النقاش حالياً حول عملية حسم الحقائب ومن ثم تبدأ المرحلة الأخيرة المتمثلة باسقاط الاسماء على الحقائب، وهذا المسار يواجه مطبات «لأن كل طرف يحاول حتى اللحظة الاخيرة ان يحصل على حقائب «دسمة» تؤمن له استثمارا سياسيا وشعبيا على ابواب الانتخابات النيابية.
ويقول أحد المتابعين عن قرب «إن عملية تأليف الحكومة لو كانت بعد الانتخابات النيابية لكانت اسهل نسبيا، وكون الحكومة العتيدة هي حكومة اعداد قانون جديد للانتخاب واجراء الانتخابات، فإن القوى السياسية تستنفر للفوز بحقائب خدماتية غب الاستخدام الشعبي، الأمر الذي يضاعف من الضغوط على الرئيس المكلف الراغب في تأليف حكومة تضم الجميع ان لم يكن بوزراء من هذا الحزب او التيار، فعبر احزاب حليفة مما يسهل انطلاقة الحكومة ويؤسس لما بعد اتمام العملية الانتخابية كون الملفات المطروحة للمعالجة تحتاج الى جهد وطني وفاقي مشترك يتحمل فيه الجميع مسؤولياتهم».
ويضيف أن عقدة الحقائب «ليست محصورة في اتجاه محدد انما هناك مطالب يعلم الفرقاء ان الاستجابة لها بالكامل يعني اختراع او استحداث حقائب جديدة غير منصوص عنها في القانون، لذلك على المكونات النيابية ان تلاقي الإرادة المسؤولة والمسهّلة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي يتعاطى بأبوة مع الجميع في موازاة رغبة الرئيس سعد الحريري بعدم وضع الجميع امام الامر الواقع من خلال اصدار تشكيلة حكومية قد يستقيل منها احد المكونات بعد اعلانها».
ويوضح ان اللافت للانتباه هو بروز رغبة قوية لدى كل المكونات الروحية عبّر عنها رؤساء الطوائف مباشرة وصراحة بأن تتمثل كل المكونات في الحكومة، وهذا المعطى لم يكن بهذا الاصرار والزخم في العهود السابقة، وينظر اليه العهد الجديد بمسؤولية وإيجابية لانه تعبير عن الثقة العالية بالعهد وبالامال المعلقة عليه لدى الشعب اللبناني التواق الى عملية اصلاحية شاملة تضع حدا للفساد المستشري، وتعيد الحضور لكل الطوائف لا سيما المهمّشة في الوظائف والادارات العامة، وهذا يرتب مسؤوليات على العهد سيكون المترجم الفعلي لها من خلال اعادة التوازن العادل، لإشراك الجميع في ادارة الشأن العام».
ويشير المتابع عن قرب لمسار التأليف «ان لا شيء سيقف حائلا امام الولادة القريبة للحكومة، وثمة فصل بين المواقف السياسية وبين انجاز الاستحقاق الحكومي، لأن كل القوى تستعجل ابصارها النور، والجهد ينصبّ على ان تعلن المراسيم قبل عيد الاستقلال، لأن في ذلك معاني مضافة، ورسالة الى الداخل اولاً بأن الورشة الوطنية انطلقت وعجلة الدولة تحركت وفق المسار الدستوري الطبيعي، وللخارج بأن لبنان ليس قاصرا عن القيام بمسؤولياته وأن سلطاته الدستورية قادرة على توفير كل مقومات صونه وحمايته من كل الاخطار وجاهزة لتلقف الدعم المطلوب في مواجهة التحديات التي فرضتها الاوضاع الملتهبة في المحيط لا سيما ما يتصل بأزمة النازحين السوريين ومواجهة خطر الارهاب».
وعن ولادة الحكومة، يكتفي المتابع بالقول إن العمل جار على انجاز التأليف في الايام الفاصلة عن عيد الاستقلال «وهذه ارادة الجميع التي لا بد ان تترجم تسهيلا وفق منطق الشراكة والوفاق الوطني».