اذا كانت الحكومة تعتقد ان القضايا المعقدة التي تواجهها مثل قضية العسكريين الرهائن لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» سيحلّها الوقت، فهي على ضلال مبين، لان سياسة ترك الوقت يحلّ مثل هذه القضايا، مثلما يجري بالنسبة الى العسكريين، هي سياسة خاطئة، بل هي سياسة مميتة، كونها تتعلّق بارواح عدد من ابناء مؤسسة الجيش، ومؤسسة قوى الامن الداخلي، ومن غير المسموح، ان يغامر مسؤولون لبنانيون بحياة لبنانيين وقعوا بقبضة تنظيمات ارهابية رغماً عنهم، وربما يكونوا ضحية سياسة خاطئة في التعاطي مع وجود مسلّح معاد داخل بلدة عرسال، وداخل بعض مخيمات النازحين السوريين، وهم الآن يدفعون ثمن هذه السياسة الخاطئة، المعطوفة على سياسة تفاوض مائعة وغير واضحة وغير شجاعة، لانقاذ هؤلاء المعذبين والمقهورين، والحؤول دون ان يلاقوا مصير رفاق لهم تم ذبحهم في شكل وحشي من قبل تنظيم «داعش»، والانكى من هذا ان الحكومة والمسؤولين عن انجاز هذا الملف، وبعض الاشخاص الآخرين، يتلاعبون منذ اشهر باعصاب العسكريين الرهائن، وباعصاب اهلهم وعائلاتهم واصدقائهم وباعصاب اللبنانيين جميعاً، واعطوا للتنظيمات الخاطفة فرصة ذهبية لاستغلال العسكريين واستغلال عائلاتهم واقاربهم بدفعهم الى التحرّك على الارض وقطع الطرقات واقامة الاعتصامات، لخلق خلافات بين المواطنين، وبلبلة امنية وسياسية تضاف الى الاوضاع الداخلية المعقدّة والصعبة، وما يمكن ان تعكسه على معنويات العسكريين المرابطين في اعالي جرود الحدود الشرقية في مواجهة الآلة العسكرية للتنظيمات العسكرية التكفيرية، وهم يسمعون نداءات زملائهم الرهائن، واستغاثة اهاليهم.
اثبتت الوقائع اليومية، وحالات التفاؤل والتشاؤم المتعددة، ان الحكومة لم تكن شفافة ولا حتى صادقة بما فيه الكفاية لاعطاء المعنيين خصوصاً، واللبنانيين عموماً، الرواية الحقيقية لما كان يجري داخل لبنان وخارجه من مفاوضات مع المسلّحين ومع جهات خارجية مثل قطر وتركيا، ولم يتم الكشف حتى عن نيّة الحكومة بقبول المقايضة او عدم قبولها، وما هي البدائل لانقاذ العسكريين، بل كانت سياسة التعمية هي السائدة، حتى انفجار الصبر عند العسكريين واهلهم، بعد انتشار اخبار المعركة الكبيرة المرتقبة في جبال القلمون التي يعد لها حزب الله، بالتعاون مع الجيش السوري لابعاد المسلحين من المواقع المحصّنة التي اقاموها هناك، مع ما يعني هذا من تهديد لحياة العسكريين الرهائن، قتلاً او اعداماً، وسوف تتحمّل الحكومة المسؤولية كاملة في الحالتين.