ستحفل الأشهر المقبلة، وحتى إجراء الإنتخابات النيابية العامّة في شهر أيار 2018، بالكثير من المفاجآت على صعيد إقامة التحالفات وفكّ التحالفات. وقد نستثني فقط الثنائي الشيعي، إذ من المستبعد فصم عُرى التحالف الإنتخابي القائم بين حزب اللّه وحركة أمل. فالإثنان يريدان أن يُثبتا أنهما سيحصلان على المقاعد ذاتها، في المناطق الجنوبية والبقاعية، وإن النسبية لن تأتي بتبديل يُذكر بالنسبة الى عدد المقاعد التي يستأثران بها، حالياً، بموجب النظام الأكثري الذي يُعتبر حزب اللّه أكثر من عمل على إسقاطه بعدما تشبّث بالنسبية منذ البداية.
ثم إنّ التحالف الإنتخابي قد تكون له، مع إعتماد قانون النسبية، أوجهٌ عديدة. وعلى سبيل المثال لا الحصر: قد نجد الثنائي المسيحي مقيماً على التحالف في دائرة انتخابية هنا وعلى تنافس ظاهري أو فعلي في دائرة ثانية هناك.
وأحيانا قد يكون هذا التنافس وجهاً من أوجه التحالف، بمعنى أن تشكيل لائحة تحالفية واحدة من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في قضاء ما (كسروان مثلاً) قد يعطي حظوظاً أكبر لمنافسي الطرفين في الحصول على مقاعد معيّنة.. أما في حال تشكيل كل منهما لائحة ربّـما يمهّد الى حصولهما (معاً) على عدد مقاعد أكبر مما لو كان على لائحة واحدة.
وعليه ليس صحيحاً أنّ النسبية لم ولن تغيّر شيئاً في النتائج. وفي تقديرنا أنّ المجلس النيابي الآتي سيسجل تبدلاً ملموساً، وإن غير كبير، في الوجوه والإتجاهات. وهذا في حد ذاته عنصر إيجابي يمهّد، مع الوقت، الى ضخّ دماء جديدة في الجسم السياسي اللبناني. صحيح أن الأوجه الجديدة القادمة الى ساحة النجمة قد لا تشكل حالاً حاسمة في المجلس، ولكنها ستكون البداية التي لا بُدّ منها.
وفي يقيننا أنّ ما حصل على صعيد قانون الإنتخابات النيابية هو تطوّر إيجابي، وإن كانت غير شائبة قد شابته ليس الآن مجال تعدادها. وفي اليقين أيضاً أنّ هذا الذي نسمّيه إنجاز لا يمكن لأي جهة أن تتفرّد في الإحتفال بالإنتصار فيه، واعتبار هذا الإنتصار من إنتاج مصانعها الإنتخابية. وفي اليقين، خصوصاً، أنّ هذا الإنجاز يُضاف الى إنجاز الإنتخاب الرئاسي، وإلى إنجاز تشكيل الحكومة، وإلى إنجاز إستعادة اللبنانيين في الإنتشار المتحدّرين من أصول لبنانية (…) ما كان ممكناً أن تتحقّق لولا إعتبارات عديدة، أبرزها، من دون أدنى شكّ، التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. وانّ هذا التوافق القائم بين العماد ميشال عون والشيخ سعد الحريري حقق كثيراً، ومن شأنه في تقديرنا أن يحقق الأكثر.
لقد علمتنا التجارب أنّ الخلاف بين القصر الجمهوري والسراي الكبير يرتد بالضرر المباشر على البلاد والعباد. والأمثلة على ذلك تكاد لا تُـحصى ولا تُعد. واننا نرى أنّ الخلاف الذي نشب بين الرئيسين سليمان فرنجية وصائب سلام كان الأساس الذي بُنيت عليه حرب السنتين. وفي اعتقادنا الراسخ أنّه لو بقيت العلاقة بينهما، كما كانت في مطلع العهد الفرنجي لما وقعت أحداث 1975 وما تبعها، ولسنا هنا في مجال تحميل أي من الطرفين المسؤولية في ذلك الخلاف، ولكننا نعرف أنّه كان مدمّراً.
فَلْيُصَلِّ اللبنانيون لتدوم نعمة هذا التوافق بين العماد والشيخ.