مهمات حكومة الحريري الإنقاذية وقف الانهيار والمباشرة بحل الأزمات المتدحرجة
أمام حكومة الرئيس سعد الحريري الإنقاذية بعد تأليفها، مهمة رئيسية وملحّة، تتطلب التحرّك بسرعة على خطين متوازيين، الأوّل، المباشرة بتنفيذ برنامج إصلاحي، يتناول الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة التي تستنزف مالية الدولة دون طائل، لا سيما منها الكهرباء ومثيلاتها، لإضفاء المصداقية على تحرك الحكومة وإعادة الثقة المفقودة بين الدولة والمواطنين وبين لبنان والدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات المالية الدولية على حدٍ سواء، والخط الثاني، تسريع التحرّك الحكومي الفعال على كل المستويات لاستباق انفجار الأزمات التي تراكمت وتتراكم يومياً، قبل وخلال ولاية حكومة الرئيس حسان دياب العاجزة التي استهلكت الوقت المتاح لها دون طائل وباجتماعات اللجان العقيمة والتي لم تستطع مقاربة أو وضع الحلول الممكنة لهذه الأزمات المالية والاقتصادية والمعيشية والصحية واكتفت بمعالجات ظرفية وترقيعية، ما زاد الوضع سوءًا اكثر من السابق، وأصبحت هذه الأزمات الضاغطة على كل المستويات تُهدّد بالانهيار الشامل والسريع وتطال اللبنانيين كلهم، إذا لم يتم احتواؤها بسلسلة من الإجراءات والمعالجات السريعة الناجعة لوقف تداعياتها وآثارها السلبية التي بدأت تظهر في كل القطاعات دون استثناء.
ولعل، أولى هذه الخطوات، تبدأ بتحرك الحكومة الفوري لمباشرة المفاوضات الجدية مع صندوق النقد الدولي على أسس مختلفة عمّا كانت تجري عليه إبان عهد الحكومة المستقيلة، بخطة حكومية ومصرفية موحدة على كل المستويات وليس بتوجهات متعددة ورؤى متضاربة ومختلفة، بما يسهل التوصّل إلى اتفاق بين لبنان والصندوق يتضمن وضع برنامج زمني لمساعدة لبنان على حل ازمته المالية وهيكلة ديونه وتقديم المساعدات المالية العاجلة التي توفّر السيولة المطلوبة بالعملة الأجنبية للسوق المالية وتعيد التوازن النسبي المفقود منذ تشرين الأوّل من العام الماضي، أي منذ اندلاع التظاهرات في السابع عشر من تشرين الأوّل 2019.
ولن يقتصر التحرّك المطلوب من حكومة الانقاذ عند هذا الحد، بل ستتحرك الحكومة جاهدة للمباشرة فوراً وبالتزامن مع ما سبق لتسريع تنفيذ قرارات مؤتمر «سيدر» المرتبطة بتنفيذ جدول الإصلاحات، بالكهرباء، وتفعيل الجبايات الضريبية ووقف التهريب وغيرها من الإجراءات المطلوبة، بالتزامن مع إعادة احياء علاقات لبنان مع الخارج وتفعيل مسلسل القروض والهبات الميسّرة مع العديد من الدول الصديقة والشقيقة والمؤسسات والصناديق العربية والدولية لتمويل سلسلة من المشاريع الإنمائية والمتوقفة منذ مُـدّة بسبب الاهتزازات الحكومية التي عصفت بالداخل اللبناني وسياسات استعداء هذه الدول دون طائل من قبل بعض أطراف السلطة طوال السنوات العشر الماضية لحسابات وتحالفات إقليمية مع إيران ضد الدول العربية الشقيقة والصديقة والتي أدّت إلى عزل لبنان عن محيطه العربي والخليجي تحديداً وانكفاء دول صديقة عن مساعدته.
حكومة حسان دياب اكتفت بمعالجات ظرفية وترقيعية، ما زاد الوضع سوءًا أكثر من السابق
لن يقتصر تحرك الرئيس الحريري على رأس حكومة الانقاذ المرتقبة على تنفيذ المهمات الملحّة والضرورية السالفة الذكر لوقف مسلسل الانهيار المحدق بلبنان والسعي الحثيث بكل الإمكانيات لإعادة النهوض بالوطن وإنعاش الوضع المالي وتفعيل الدورة الاقتصادية من جديد، ومعالجة مخلفات الاهتراء وتراجع الأداء في مختلف إدارات الدول جرّاء سوء الممارسة وضعف إدارة الدولة من قبل الحكومة المستقيلة، بل سيواجه الرئيس الحريري أيضاً لدى دخوله مبنى السراي الكبير هذه المرة، تركة ثقيلة لحكومة حسان دياب تضاف إلى سلسلة ما خلفته على مختلف الصعد الأخرى، وهي تركة إعادة ترميم وتأهيل هذا الصرح الحكومي المهم الذي تتضرر بفعل الانفجار المدمر الذي استهدف مرفأ بيروت في الرابع من شهر آب الماضي، وترك على حاله من الخراب والدمار بحجة عدم توافر الأموال المطلوبة لإعادة ترميمه وكأنه ليس مهماً وضرورياً في ممارسة السلطة وإدارة الشأن الحكومي للدولة ككل في أنحاء لبنان والواجب يتطلب إعادة تأهيله واعادته إلى سابق عهده بأقصى سرعة ممكنة، أو كأن المطلوب تركه على هذه الحالة من الخراب والدمار من ضمن ما خلفته ممارسات وسياسات الحكومة المستقيلة في شتى الأمور، ولذلك لا غرابة في هذا الأمر.