IMLebanon

شعبويّة الآتي أعظم

لا شيء يدعو للتفاؤل، البلد «قاتلتو» الشعبويّة، من سمع بالأمس مقدمة نشرة الـ otv و»المحاضرة ـ البهدلة» التي قيل إنّ الوزير جبران باسيل خاطب بها زملاءه الوزراء خلال اجتماع الحكومة بالأمس، لا يملك إلا أن يضرب كفّاً بكفّ ويُحَسْبِل على حال هذه الحكومة في اجتماعها الثاني، في اجتماعها الأول وبّخها رئيس الجمهوريّة وضرب يده على الطاولة، وفي اجتماعها الثاني «وبّخ» وزراءها رئيس حزب الرئيس!

 

لا يبدو سياق الحكومة قابلاً للعيش والاستمرار إن كان «عرض العضلات» سيستمرّ على هذا المنوال، بالأمس سمعنا اتهاما من وزير الخارجيّة لزملائه الوزراء في مداخلة نقلتها محطته التلفزيونيّة فيها تأنيب بلغ حدّ الاتهام بأنّهم «انتو بعدكن عم تقدموا المصالح الانتخابية على المصلحة العامة» مع ملاحظة أنّ الانتخابات تفصلنا عنها سنوات، ثم اتهمهم بأنّهم اتخذوا قرار منح الدرجات الست للمعلمين، «لن نسكت أبدا عن أي قرارٍ او إجراءٍ يهدد المصلحة الوطنية العليا مهما كانت تكلفةُ هذا الموقف شعبيا علينا، ونحن كفريق سياسي لن نقف متفرجين ولن نشارك في المسرحية الخبيثة»، ربما علينا أن نتساءل: من هو الشعبوي الباحث عن الشعبيّة؟ أليْس من يستخدم ضرب صورة الحكومة وهيبة رئيسها لمصلحة استدعاء شعبيّة على حساب البلد ومصلحته، من المؤسف أنّ هذه الحكومة تذكّرنا بالمرارة التي تمّ تجريعها للرئيس تمام سلام يوم كان رئيساً للحكومة وعلى يد نفس الفريق، حتى ضرب يده على الطاولة وأسكت الباحثين عن الشعبيّة وأرباب الشعبويّة!!

 

«الآتي أعظم» صحيح، كلّ يُغنّي على ليلاه في هذه الحكومة، توليفة غريبة عجيبة، الآراء فيها متضاربة إلى أبعد الحدود، وهناك وقبل كلّ شيء من يسعى لتظهير صورة رئيسها ـ ربما لمكانته الدوليّة ـ بمظهر الضعيف، تسريب «محاضرة» وزير الخارجية في مقدّمة نشرة إخباريّة ذكّر كثير من اللبنانيّين بالأمس بالوزراء الودائع الذين كان النظام السوري يفخّخ الحكومات بهم، وكان هؤلاء يتولّون عمليّة التسريب من قلب جلسات مجلس الوزراء، بل أحياناً كانوا يفتحون هواتفهم ليسمعوا «أجهزة المخابرات» ما يقال في هذه الجلسات! «الاستمرار في اتخاذ قراراتٍ شعبوية ‏كسلسلة الرتب والرواتب وزيادة الرواتب والدرجات قد يُرضي قسماً من الناس لبعض الوقت، لكنه يهُدد مصيرَ كلِ الناس كلْ الوقت، لأن استمرارَ هذا النهج يعني حُكماً أن الوضعَ الاقتصادي والمالي يتجه إلى التدهور»، أما هكذا كلام ربما حان البعض للتفكير قليلاً بوضع حدّ لهذا الهراء الأسبوعي في بداية طريق الحكومة، لأنّ تجاهل هذه العبثية الشعبويّة ستقصّر من عمر الحكومة أكثر مما قد يتخيله الجميع!

 

 

«لسنا بحاجة إلى النصائح الدولية ‏لنفهم ان رفع سقف الانفاق العام من دون تأمين الموارد وضبط الهدر هو نوعٌ من الانتحار، فالمالُ أرقامْ لا تحتمل التأويل، وعلينا أن نواجه بجرأة لكي لا يحمِّلَنا الناس مسؤوليةَ الانهيار لا سمح الله» لا أحد يريد أن يفجّر سجالات عقيمة، إلا أنّ ما تم نقله بالأمس للبنانيين لا يوصف إلا أنّه محاولة تحريض وتهويل على اللبنانيّين، وللمناسبة إن حدث انهيار اقتصادي فسيُسجّل للتاريخ أنّه وقع في مرحلة عهد أسمى نفسه «العهد القوي»، لأنّ انهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد سيصيب العهد أيضاً، وليس من مصلحة أحد الاستثمار في «شعبوية» فارغة لأنّ الموسم الانتخابي النيابي والرئاسي أيضاً بعيد!