Site icon IMLebanon

رحل العريس وبقي العرس

لبنان يودعه غداً.

وزحلة تبكيه ولا تنساه.

إنه النائب والوزير السابق والقائد السياسي الياس سكاف.

رحل باكراً واغتاله المرض بسرعة، وزحلة من دونه تقضم الحزن عليه.

الوداع صعب.

والغياب أصعب.

اغتاله المرض وغاب، وهو حاضر أبداً، في القلوب والصدور.

ذلك، انه لم يكره أحداً.

ولم يبتعد عنه الناس.

وديعاً كان.

ومحباً عاش وترعرع.

هكذا نشأ في الداخل والخارج.

عاصمة البقاع ثكلى. حزينة ومتألمة.

العروس في حزن شامل.

والعريس غاب عن عاصمة أحبها، وعن مدينة رعاها وأعطاها القلب والمهج.

والزعامة تيتمت واليُتم الباكر أشد مضاضةً من حياة من دون حياة.

هكذا، بسرعة اجتاحه المرض العضال.

ذهب به الى الدنيا الباقية.

وهو باق ولو غيّبه القدر.

كان الياس سكاف، طوال حياته رجل محبة وتعاطف، لا عنصر حقد على احد.

وعندما كان يبتعد عن الناس، لأسباب مرضية، كان مرضه الكبير أن يبتعد عن الناس.

ولهذا، فان زحلة، تسكب غداً عليه دموع الفراق.

وتضفي على زوجته وولديه، نعمة الوفاء.

وهذه هي النعمة التي لا تذبل ولا تغيب، هي نعمة البقاء في هذه الحياة الدنيا.

لا، ليست زحلة هي الحزينة.

بل لبنان كله حزين بغيابه.

ومن عرف الياس سكاف، عرف في اعماقه النور الذي لا ينطئ.

انه نور العطاء.

وهذا النور لا يخبو ولا ينطفئ.

***

كان والده جوزيف سكاف، زعيم البقاع، وعنوان الوفاء والاخلاص.

أعطى البقاع بسخاء.

واكب الحياة بمرارتها والمحبة.

ومن عاش في محبة الناس، لا يخبو بريقه في القلوب.

إبّان الأحداث الصعبة، أراد اللبنانيون أن يمتحنوا اخلاصه والوفاء.

جمع رئيس الجمهورية زعماء مدينته وأبناءها، لكنه، عندما تبيّن ان عروس البقاع، أمامه وليس بينهم رجل المدينة، استدعاه، ووضع له قلاّدة ترصّع القلوب وتزيّن الصدور وترفل على النفوس.

في خضم المحنة، غاب فوراً عن مدينة الوادي، حزنها والألم، وراحت الغمّة عن الصدور، وعادت اليها ابتسامة العصور، قديمها وحديثها.

غداً، تودّع زحلة، ابنها البار.

لكن شمعة الوفاء لا تنطفئ.

ومن عرف عروس البقاع، يدرك ان العريس باقٍ فيها لا يموت.

لبنان أحب زحلة من الصميم، وفي الصميم عاشت العروس، ويزهو العريس.

لا حاجة لمعرفة العريس، ذلك ان الجميع أدركوا انه الياس جوزيف سكاف، هو المتوّج على القلوب، وفي النفوس والصدور.