تنامي الخلاف بين خلدة والمختارة
حملات استهدفت جنبلاط في السويداء
بلغت الأوضاع على الساحة الدرزية منعطفاً غير مسبوق في سياق الإصطفافات بين القيادات الدرزية، إذ هنالك تباينات وتباعد في المواقف لا زال كبيراً دون أن تنجح بعض المساعي الهادفة لرأب الصدع، إذ علم في هذا الإطار، أن بعض المشايخ قاموا باتصالات لترتيب لقاء موسّع يجمع القيادات الدرزية من 14 و8 آذار والوسطيين، لا سيما بعد حادثة بلدة «قلب لوزة»، إلا أن ما جرى لاحقاً في منطقة القنيطرة ضاعف من هذه الإنقسامات، خصوصاً بعدما ردّ النائب طلال إرسلان على بيان جبهة «النصرة» الذي اعتذر فيه من أهالي السويداء، واصفاً إياه بـ«الخديعة»، الأمر الذي اعتبر بوضوح أنه ردّ مباشر على رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، وعلى الدور الذي قام به، لا سيما زيارته إلى الأردن والمساعي الأخرى التي اضطلع بها وزير الصحة وائل أبو فاعور مع المسؤولين الأتراك.
وتكشف مصادر درزية، بأن ما فاقم أيضاً من هذه الخلافات واستحالة التواصل أقلّه في هذه المرحلة، إنما تمثّل بزيارة وفد من الحزب «الديمقراطي اللبناني»، إلى محافظة السويداء وبلدة جرمانا ذات الغالبية الدرزية، والتي تعتبر إحدى ضواحي دمشق، فأثناء هذه الجولة، حصلت على هامشها حملات عنيفة طاولت النائب جنبلاط، إلى هتافات مشيدة بالنائب إرسلان، دون أن تحصل أي تدخّلات لوقف هذه الحملات التي استهدفت رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، وقد كانت في بعض المحطات والجولات عنيفة إلى درجة كبيرة.
وفي سياق متصل، اشارت المصادر أن النائب جنبلاط عقد في الأيام الماضية سلسلة إجتماعات مع مشايخ في طائفة الموحّدين الدروز، ومنها لقاء موسّع في بلدة بطمه الشوفية، حيث تناول ما يجري في سوريا بغية اتخاذ كل الإجراءات والخطوات اللازمة خوفاً من تطوّر مسار الأوضاع، وعليه، تشير الأجواء المتوفّرة عن هذا الحراك، بأن معظم المشايخ المقرّبين من المختارة بدأوا يدعون الدروز في سوريا للقتال إلى جانب الثورة السورية، وهذا ما صدر عن رئيس مؤسّسة «العرفان» الدرزية الشيخ علي زين الدين، دعا خلاله الدروز في جبل العرب للإنخراط إلى جانب الثوّار لمواجهة النظام السوري.
من هذا المنطلق، يتبيّن أن ما حصل في الأيام الماضية إنما هو مؤشّر نحو مزيد من الخلافات والإنقسامات، وخصوصاً على خط خلدة ـ المختارة، وبعد زيارة وفد الحزب «الديمقراطي اللبناني» إلى السويداء وإعلان إرسلان بأن الدروز هم إلى جانب النظام والجيش السوري، رافضاً أي ضمانات من «النصرة» وسواها.
وفي المقابل، هنالك أجواء من أوساط قريبة من النائب جنبلاط، تبدي ارتياحها لمسار الإتصالات واللقاءات التي حصلت في الأردن وتركيا، حيث التطمينات جدّية ومسؤولة. وإزاء ذلك يبقى أن هذا التباعد بين القيادات الدرزية لم يصل بعد إلى مرحلة الصدام السياسي، فالوزير السابق وئام وهاب على موقفه الداعي إلى إبقاء وحدة الجبل متراصة ومتماسكة، والإنصياع إلى لغة العقل والمشايخ دون أن تحصل أي مواجهة أو حملات على خط الجاهلية ـ المختارة، لا بل أكد في مجالسه بأن النائب وليد جنبلاط حريص على الدروز وسلامتهم أينما وُجدوا، إنما القلق والمخاوف يبقيان قائمين في حال تفاعلت العمليات العسكرية إن في السويداء أو القنيطرة، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الإنقسامات على مستوى القيادات الدرزية اللبنانية. وفي المقابل، ثمة تمنّيات واستعدادات يسعى بعض المشايخ ممّن لهم صلات مع القيادات الدرزية كافة القيام به، من أجل التلاقي ومناقشة الوضع الدرزي على طاولة واحدة ، وهنا تقول أوساط درزية محايدة، أن المحاور الإقليمية، والتي تنضوي تحت عباءتها هذه القيادات، يصعّب من مهمّة التواصل وعقد لقاء درزي موسّع في هذه المرحلة العصيبة.