Site icon IMLebanon

مرشد الجمهورية يرسم برنامج ما بعد النصر

خطاب التحرير الثاني للسيد حسن نصر الله يطرح أسئلة بمقدار ما يقدم أجوبة. سيادي ضمن حدود لبنان ومفتوح في الوقت نفسه على محور اقليمي مع دور فيه. توحيدي في اطار النصر للجميع والتفاهم على تجاوز السجالات والدعوة الى تساوي كل المناطق اللبنانية فلا طلب ولا أطراف. وتخصيصي في اطار التركيز على منطقة والرؤية الفئوية للمصلحة الوطنية مقابل رؤية فئوية. كثير الاهتمام لوظيفة القوة الناعمة، وسط اقصى التمسك بدور القوة الصلبة والحاجة الى المزيد من القوة. وغارق في هموم شعبية لبنانية كثيرة وحسابات جيوسياسية اكبر من لبنان.

وليس من السهل تجاوز الانطباع السائد، وهو ان الأمين العام لحزب الله يبدو في دور ما سماه بعض المراقبين مرشد الجمهورية. فهو يمتدح رئيس الجمهورية في ممارسة القرار السياسي في وجه الضغوط، ويوجه التحية الى رئيس المجلس النيابي، وينصف رئيس الحكومة في الموافقة على قرار المعركة، ثم يرسم برنامج العمل للجمهورية. لا فقط على مستوى مواجهة الاخطار الاسرائيلية والارهابية ودعوة الدولة الى اعداد خطة لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي لم تعد اولوية في عمل المقاومة بعد النصر الالهي عام ٢٠٠٦، بل ايضا على مستوى ادارة السياسة والاقتصاد. وهو يمد الشكر على النصر الى ايران وسوريا، وينصح للمسؤولين بالمسارعة الى الانفتاح على دمشق قبل ان يسبقنا الغرب الاوروبي والاميركي.

والسؤال الذي يبحث عن جواب هو: كيف طلبت اميركا الامتناع عن قيام الجيش بعملية فجر الجرود او تأجيلها عاما، وهي تقدم للجيش اسلحة متطورة لخوض المعركة، وكانت على اتصال يومي بمجريات المعركة، وجاءت التهنئة للجيش على ادائه في اتصال هاتفي اجراه الجنرال جوزف فوتيل بقائد الجيش العماد جوزف عون؟ والسؤال الآخر هو: كيف تكون الاولوية الوحيدة لأميركا في سوريا هي القضاء على داعش، ويكون تحرير الموصل وتلعفر من داعش مهمة صعبة جدا من دون مساعدة الطيران الاميركي، اذا كان داعش صنيعة اميركا بشكل خاص واداة في مشروعها؟

مهما يكن، فان السيد نصر الله يضع النصر اللبناني في اطار نصر اكبر لمحور المقاومة بمساعدة روسيا. وهو، في حسابه، نصر على المشروع الاميركي الصهيوني التكفيري. ومن الطبيعي ان يكون تصوره للوضع اللبناني وموجباته في مرحلة ما بعد النصر تكريس معادلة جيش وشعب ومقاومة جزءا من المشهد في المحور الاقليمي المنتصر.

ولا نهاية للصراع الجيوسياسي في المنطقة قبل سنوات. والكل يعرف ان روسيا هي التي تدير اللعبة، لكنها تحتاج الى اللاعب الاميركي.