IMLebanon

إلى متى سيُبقي الخليج الباب مغلقاً في وجه لبنان؟

 

زين لـ«اللواء»: أداء دور «مخلب القط» سيرتد علينا

 

 

على الرغم من أولوية مواجهة تفشي وباء «كورونا» في لبنان وهيمنة هذه القضية على القضايا الأخرى التي شغلت اللبنانيين في الماضي القريب، إلا أن كثيراً من اللبنانيين لا يزالون يطرحون أسئلة تتعلق بمصير البلاد كما بخياراتها التي لن تلبث بالحضور في المستقبل مهما كانت طويلة المدة التي ستتخذها مواجهة «كورونا» وتجاوز خطره.

 

بين الصراعات والحياد؟

 

منذ بداية العام الحالي، وبعد تطورات دراماتيكية في المنطقة، ولبنان من ضمنها، التي لا تزال تمرّ بوضع دقيق ومتوتر، طُرحت أسئلة تتناول موقع هذا البلد والدور المناط به في ظل تطورات تسارعت، ليستعر النقاش، كما عند كل محطة تاريخية، بين وجهتي نظر. تدعو الأولى إلى النأي بالنفس عن الصراعات أو تستعمل مصطلح «حياد» أو «تحييد» لبنان عن الصراعات في المنطقة، بينما تؤكد الثانية على أهمية الإنخراط بها تبعاً لموقع لبنان الذي يشير اليه كثيرون كونه رأس حربة في تلك المواجهات وهو موقف دأب عليه مؤيدو محور المقاومة أو الممانعة.

 

والحال أن مناصري النظرية الأولى، في المجمل، لا يُسقطون قضية العرب الأولى وهي القضية الفلسطينية، على مسألة التحييد أو النأي بالنفس، لكن هذا الخلاف يفتح الباب أمام البعض لطرح أسئلة خاصة بالبلاد على الشكل التالي: ما هي طبيعة مهمة لبنان اليوم؟ ما هو دوره العربي؟ كيف سيُعيد إنتاج علاقاته مع دول المحيط من الخليج إلى المغرب العربي؟ ما هو تأثير الإنقسامات الطائفية والمذهبية الداخلية على هذا الصعيد؟ وفي ظل السياسة اللبنانية الرسمية، ما هي قدرة لبنان على الظفر بالمساعدات الدولية المطلوبة ومعها تلك العربية؟

 

يُقر السفير السابق مروان زين لـ«اللواء» بأن لبنان لا يمكن أن يكون بعيداً عن الأحداث في المنطقة التي يتواجد فيها، «هو ليس جزيرة في محيطه ولا يعيش بمفرده ومن الطبيعي أن يتأثر بالأحداث». ويضيف: على صعيد الصراع مع العدو الإسرائيلي، يمكن للبنان أن يشكل عنصراً رديفاً ومساعداً في الأحداث على أن يكون هناك نوع من الإتفاق الداخلي على خطة دفاعية لمواجهة عدو معروف يتفق الجميع عليه وهو إسرائيل.

 

ويلفت الى أن من الأهمية بمكان أن يكون موقف لبنان في مسألة النأي بالنفس متوائماً مع الموقف العربي. ويطرح زين الموقف بكلمات بسيطة، «فلبنان هو عضو في الجامعة العربية ويلتزم قراراتها ولا يجب عليه الخروج عن الإجماع العربي»، وذلك على الرغم من إقراره بغياب المشروع العربي المشترك في هذه اللحظة التاريخية باستثناء المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة العربية في بيروت العام 2002.

 

أما لناحية أن يشكل لبنان رأس حربة في صراعات المنطقة العربية خارج المواجهة مع العدو الإسرائيلي، فهذا الأمر سوف ينعكس عليه سلباً لا محالة وعلى نسيجه البشري الداخلي، فهو لا يجب على الإطلاق أن يشكل «مخلب قط» في تلك الصراعات بحيث يتأذى هو ليستفيد الآخرون.

 

على أن المشكلة الكبرى تتمثل دوماً في المكون اللبناني الداخلي وولاء الطوائف الى الخارج، الذي يراه زين معكوساً، إذ «ليس هناك انقسامات طائفية موالية للخارج بقدر ما هي تدخلات خارجية تستتبع تلك الانقسامات الطائفية والمذهبية الداخلية».

 

الانسحاب من الجامعة العربية؟

 

هنا، يبرز السؤال حول قدرة حكومة الدكتور حسان دياب على خرق الحصار عليها عربياً، ودولياً إلى حد ما. ويبدو أن المهمة على الصعيد الدولي هي أسهل منها عربياً، خليجياً على وجه الخصوص، في ظل عدم حماسة الدولة الخليجية الأكبر، المملكة العربية السعودية، لتوفير المظلّة الخليجية لدياب.

 

في هذا الموضوع المُعقد، يختصر زين القضية من وجهة نظره بالسؤال: لماذا يبتعد العالم العربي عن لبنان كدولة، ما هو السبب؟ ويلفت الى «ضرورة معرفة سبب الشرخ بين لبنان مع محيطه العربي».

 

والحال أنها رؤية تحتفظ بها شريحة واسعة من اللبنانيين، ويرى السفير السابق أن البعض في لبنان قد خرج بخطاب معاد بشعاراته لمجموعة الدول العربية والخليجية، وخاصة السعودية، وهي شعارات ذهبت إلى اعتبارها دولة عدوّة!

 

وهو يلفت الى أن لبنان في هذا الأمر لا يستطيع أن يخرج عن قرارات الجامعة العربية ويتفرد بدوره فيها، ليسأل من جديد: هل المطلوب أن يخرج لبنان من الجامعة العربية؟ وما هي مصلحته في هذا الخطاب المُعادي؟

 

ويشير زين الذي كان سفيراً في الرياض بين العامين 2007 و2012، الى أن لبنان، وإن لم تكن نيته ذلك كسلطة رسمية، سيلقى نتيجة واحدة بسبب هيمنة هذا الخطاب المتطرف على سياسته بينما لم تلجأ السعودية يوماً الى معاداة لبنان دولة وشعباً، لا بل مدّت في مراحل تاريخية ومنها ما هو قريب، يد المساعدة إليه. لذا، لن يُقابل طلب لبنان الانفتاح على الخليج بأكثر من الخطاب الإيجابي العلني الذي يُقابل به. أما الحل، فيتمثل في «طرح العقلاء هذا الموضوع على طاولة النقاش لدراسة ما يخرجنا من هذه الأزمة وأين هي مصلحة لبنان».

 

وبالنسبة إلى المجتمع الدولي، الذي طلب ضمانات للإصلاح في لبنان لم يُقدم الأخير عليها حتى اللحظة، فلن يكون متحمساً بدوره لتقديم يد المساعدة الجديّة «وهم لن يهتموا بنا أكثر منّا بمصلحتنا».

 

ويختم: إذا استمر لبنان بأداء دور منصة الاستهداف للمحيط العربي، فإن موضوع الانفتاح العربي عليه سيطول كثيراً… كثيراً.