كيف سيكون الرد اللبناني الرسمي على الورقة الخليجية التي نقلها وزير الخارجية الكويتي؟
ما هي النتائج المترتبة عنها على ضوء الجواب اللبناتي الذي سيعلنه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب في اجتماع مجلس الوزراء العرب في نهاية هذا الشهر؟ الى اين يسير لبنان، هل نحو الانفراج او الانفجار؟
كل المؤشرات والمعطيات تدل على ان الرد الرسمي اللبناني على هذه الورقة سيكون ديبلوماسيا بامتياز وليس صداميا لكنه في الوقت نفسه سيؤكد على احترام سيادة لبنان كما سيادة الدول الاخرى، وعلى عدم التدخل في شؤونه الداخلية مثلما ما هو مطلوب ايضا عدم التدخل في شؤون الآخرين.
ورغم التكتم على تفاصيل ما سيعلنه الوزير عبدالله بوحبيب امام الوزراء العرب، فان المصادر المطلعة تؤكد فصل الموقف الرسمي عن المواقف السياسية للاطراف اللبنانية كما هو الحال في اي بلد من العالم. فاي موقف سياسي يصدر عن حزب او فريق سياسي يمينا او يسارا، لا يعبر عن موقف الدولة الرسمي حتى لو كان شريكا في قرارها.
وتشير المصادر الى ان هناك بندين او ثلاثة هي موضع خلاف في وجهات النظر حولها ليس على الصعيد الداخلي فحسب، بل ايضا على الصعيد العربي والدولي وفي المحافل الدولية. فموضوع المقاومة وسلاح المقاومة هو موضوع خلافي في الداخل والخارج، وهناك دول تتعامل مع حزب الله كحزب لبناني شرعي وتعترف بانه من ابرز المكونات السياسية في لبنان، وهناك دول تضعه في خانة المنظمات الارهابية.
لذلك فان البند المتعلق بحصر السلاح بيد الجيش والشرعية لا يحظى باجماع ولا تستطيع الدولة التجاوب معه بالشكل الذي تتوخاه الدول الخليجية والادارة الاميركية، في ظل استمرار «اسرائيل» احتلال جزء من الاراضي اللبنانية وتهديدها الدائم لسيادة لبنان ولحدوده البحرية والبرية والجوية. من هنا تعتقد المصادر ان هذا البند هو بند اشكالي، تعرف دول الخليج وغيرها انه غير قابل للتطبيق في الوقت الراهن ، كما انه لم يزل يشكل مادة رئيسية على جدول الحوار الداخلي.
وفي شأن القرارات الدولية تقول المصادر ان لبنان سيؤكد في رده على الورقة التزامه بقرارات الشرعية الدولية، مجددا التأكيد ايضا التزامه بتطبيق القرار ١٧٠١، داعيا ومشددا على وحوب تطبيق «اسرائيل» هذا القرار وباقي القرارات الدولية التي تنكرت وتتنكر لها، لا بل تمارس دائما انتهاكات لها في فلسطين وتجاه لبنان ودول عربية اخرى.
اما بالنسبة للبند الثالث الذي يطالب بعدم استخدام لبنان منصة للعدوان اللفظي والعملي على دول الخليج والدول العربية ودول اخرى، فان الرد اللبناني لن يكون في حرج، حسب المصادر المطلعة، بالتأكيد على التزام الدولة اللبنانية بهذا الامر، واستعدادها لكل اشكال التعاون مع الدول الخليجية والعربية الشقيقة.
وتستدرك المصادر قائلة ان الرد الذي سينقله وزير الخارجية يؤكد ان هذا الموقف هو موقف الحكومة اللبنانية، مشيرة الى ان هذا لايعني ان حزب الله او غيره لن تكون له وجهة نظر اخرى تجاه التطورات في الخارج وما يجري في المنطقة.
وتلفت المصادر في هذا المجال الى ان تنوع المواقف في اي دولة مسألة مرتبطة بطبيعة النظام الديموقراطي واحترام حرية التعبير والحريات العامة بما فيها الحريات السياسية.
ووفقا للمعلومات، فان اتفاقا مبدئيا وغير معلن جرى بين اركان الحكم والحكومة للتعاطي مع الورقة الخليجية بعيدا عن النقاشات العلنية او السجالات والتجاذبات حول هذا البند او ذاك، مع العلم ان حزب الله حرص على توفير الاجواء التي تساعد الحكومة على انجاز الرد من دون احداث اية تداعيات وارتدادات داخلية، ولم يصدر موقفا من الورقة.
وتتباين الآراء حول مرحلة ما بعد الورقة الخليجية والرد اللبناني المنتظر، فهناك من يعتقد بانها ستساهم في تأجيج الموقف بين لبنان وبعض دول الخليج بدل ان تعيد الثقة بينه وبين هذه الدول، وهناك من يرى ان لبنان سيحسن التعامل مع الورقة بطريقة لا تتحوّل فيها الى مادة تفجيرية تؤدي الى مزيد من التصعيد والتوتر في العلاقات مع دول الخليج لا سيما السعودية.
وفي اعتقاد اصحاب الرأي الثاني، ان هناك مؤشرات عديدة تدل على ان مسار الامور يتجه نحو تخفيف الاحتقان وليس الى مزيد من التصعيد او التفجير. ومن ابرز هذه الاشارات:
– رغبة الادارة الاميركية بعدم تفجير الوضع في لبنان، لانها تعتقد ان في ذلك مصلحة لحزب الله، لذلك تحاول ان تبقي لبنان تحت الضغط بهدف الضغط على الحزب وجمهوره اولا دون الوصول الى حدود الانفجار. ويندرج في هذا الاطار حرص وزير الخارجية الاميركي اول امس الاشادة بالدور التوفيقي الذي تلعبه الكويت في هذه المرحلة.
– توقيع اتفاق الكهرباء مع الاردن وسوريا، ما يؤشر الى موافقة واشنطن وعدم العمل على اعاقة او خربطة هذا الاتفاق بحجة تطبيق العقوبات على دمشق. وتعد واشنطن بالتعامل ايضا مع جر الغاز المصري عبر الاردن وسوريا الى لبنان بايجابية وعدم اخضاعه لقانون قيصر اي قانون محاصرة سوريا.
– تأكيد رغبة خليجية غير معلنة في تعديل الموقف تجاه لبنان استباقا للوقائع التي سيفرضها الاتفاق بين طهران وواشنطن في ظل ارتفاع حظوظه مؤخرا في مسار مفاوضات فيينا، وما سيستتبعه ايضا من تقارب ايراني – سعودي محتمل.
اما اصحاب الرأي الآخر فيعتقدون ان الورقة التي نقلها وزير الخارجية الكويتي هي ورقة تعجيزية، الهدف منها الضغط على حزب الله ومحاولة حصاره وحشره داخليا وتضييق العزلة عليه عشية الانتخابات النيابية التي تعوّل الادارة والغرب ودول الخليج على نتائجها لتوسيع رقعة الفريق اللبناني المناهض للحزب وخلق معادلة سياسية ونيابية جديدة ليست لصالحه.
وبرأي هؤلاء ان نقل هذه الورقة لم يترافق مع اي موقف خليجي ايجابي تجاه لبنان منذ الازمة الاخيرة معه، رغم اتخاذه اكثر من خطوة ايجابية تجاه دول الخليج، لا سيما السعودية، ومنها استقالة الوزير جورج قرداحي وتنشيط العمل في مكافحة تهريب المخدرات لهذه الدول.
ويخشى اصحاب هذا الرأي من حصول مزيد من التوتر مع الخليج، وتصاعد التوتر الداخلي سياسيا وربما في الشارع قد يطيح بالانتخابات النيابية المنتظرة في ايار.