بعد الدعوات المريبة التي أطلقها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لعقد مؤتمر تأسيسي يقود إلى تغيير النظام السياسي القائم، بما يشكله ذلك من دعوة صريحة للانقلاب على اتفاق الطائف، كان لا بد من مواجهة هذا المنحى الانقلابي البالغ الخطورة، والتصدي لمحاولات باسيل ومن خلفه لتغيير النظام الذي أرست قواعده وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في العام 1989، منهية سنوات طويلة من الحرب الأهلية. وقد بدأ الحديث عن إمكانية تشكيل جبهة وطنية تضم شخصيات معارضة للعهد و«حزب الله، بعد دعوة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط لهذه الغاية، ومطالبته الرئيس المكلف سعد الحريري بالاعتذار لأنه سيجد صعوبة في العمل مع فريق العهد في المرحلة المقبلة. وبالتالي تركهم وشأنهم في حكم البلد لوحدهم .
وفي حين لا زال مستبعداً حتى الآن إعادة إحياء قوى الرابع عشر من آذار، إلا أنه بات أمراً ملحاً كما تقول مصادر معارضة لـ«اللواء» أن تجتمع القوى السياسية المناهضة للعهد وحليفه «حزب الله»، من أجل التصدي للمخطط الجهنمي الذي يريد هذا الفريق أخذ لبنان إليه، وهو ما ظهر جلياً من خلال دعوة النائب باسيل الناطق باسم رئيس الجمهورية إلى تغيير النظام اللبناني، والسير باتجاه عقد مؤتمر تأسيسي يطيح باتفاق الطائف ويفسح المجال أمام دخول البلد مرحلة شديدة الخطورة، توازياً مع تعطيل تأليف الحكومة الذي يتحمل مسؤوليته العهد وحلفاؤه من خلال العقبات التي يتم وضعها على طريق التأليف، برفض حكومة اختصاصيين كما نصت على ذلك المبادرة الفرنسية، والمطالبة بحكومة سياسيين تضم حلفاء العهد، سعياً من أجل الإمساك بالثلث المعطل لمصادرة قرار الحكومة.
وتوقعت المصادر المعارضة أن تنشط وتيرة الاتصالات بين القوى المعارضة، بعد دخول رؤساء الحكومات السابقين على الخط، بالتنسيق مع النائب السابق جنبلاط، ما قد يقود في المرحلة المقبلة إلى وضع مدماك لهذه الجبهة المعارضة، بانتظار الموقف الذي سيتخذه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وما يمكن أن يطرأ على صعيد مسار التطورات المرتقبة على جبهة تأليف الحكومة، وما إذا كان الرئيس الحريري سيكمل في مهمته لتشكيل الحكومة التي يريد، أم أنه قد يضطر إلى الاعتذار إذا وجد أن العهد ومن معه، لن يسمحوا له بتأليف حكومة اختصاصيين، ما يعني أن الحريري سيكون أحد أركان هذه الجبهة التي ستأخذ على عاتقها التصدي لمخططات الفريق الآخر، وما تشكله من مخاطر جسيمة على لبنان ومستقبله.
وفي هذا الإطار، كشفت المصادر عن اجتماعات حصلت في الفترة الماضية لعدد من القيادات التي كانت منضوية في صفوف الرابع عشر من آذار، للبحث في إمكانية عودة التئام المعارضين تحت سقف واحد، قد لا يكون شبيهاً بتجمع السياديين في ما كان يعرف بهذا الفريق، وإنما انطلاقاً من ضرورة الدفع باتجاه تشكيل تحالف عريض من المعارضين للعهد وحلفاء إيران وسوريا الذين يريدون أخذ البلد إلى مكان آخر، بعدما أطل المشروع الانقلابي برأسه من خلال طروحات رئيس التيار «العوني» الذي يتماشى في أفكاره مع ما سبق وروج له حليفه «حزب الله» بالسعي إلى المثالثة التي تعتبراً تهديداً خطيراً للنظام السياسي القائم. ولهذا يريد «الوطني الحر» استبدال هذا النظام بآخر يؤمن له ولحلفائه مصالحهم على حساب مصالح الشعب اللبناني وعمقه العربي.
ولا تستبعد الأوساط أن تكون المصالحة الخليجية التي حصلت في «العلا» السعودية، عاملاً مساعداً على توفير الأجواء المساعدة لقيام الجبهة الوطنية المعارضة، بحكم أن الدول الخليجية التي تتميز بعمق علاقاتها مع لبنان، لن تسمح للمحور الإيراني بأن يمضي في سياسة وضع اليد على لبنان، وتالياً فإن حلفاء إيران في لبنان، سيجدون أنفسهم مضطرين لإعادة قراءة مواقفهم، بعد توحيد الموقف الخليجي تجاه إيران التي باتت في وضع لا تحسد عليه بعد التطورات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية .