في الوقت الذي انتهت فيه صلاحية اتفاق سايكس – بيكو الذي ارسى حدود الدول في المنطقة اثر هزيمة السلطنة العثمانية. فان ما يحصل على الرقعة السورية يثبت ذلك، وان عودة سوريا موحدة بات حلماً حيث يعمل المقص الدولي في لعبة الامم على ترسيم حدود كيانات جديدة تحت مسمى «مناطق تخفيض التوتر في المناطق» التي تشكل خطوط تماس بين ما سمي «بسوريا العقيدة» في الشمال والجنوب بعدما باتت «كردستان الغربية» واقعاً يمتد من الحدود السورية التركية من عين العرب الى القامشلي وصولاً الى عفرين، وتسارع لعبة التقسيم في الجنوب السوري وتمثل ذلك «بوثيقة حوران» حيث اصبح واضحاً في الواقع الميداني ان عملية اقامة كيان درزي يشمل درعا والسويداء والقنيطرة يندفع بقوة وسط كلام عن وصاية اردنية عليه وهذا ما يريح اسرائيل، وفق الاوساط المواكبة وفي ظل السوداوية التي تظلل سحبها المنطقة لا يزال العمى السياسي يطغى على الساحة المحلية وكان البلد الصغير يقع في القارة الاميركية وليس في قلب الحرائق التي التهمت البشر والحجر في محيطه، بعدما بلغ الدلع السياسي حدود التهريج والكوميديا السوداء والمضحك المبكي المتمثل بعجز اللاعبين المحليين على التوافق على قانون انتخابي جديد يحرك لعبة تداول السلطة بعدما بات التمديد للمجلس النيابي عرفاً يكاد يتفوق على القانون.
وتضيف الاوساط ان الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير اعاد تصويب البوصلة من خلال دعمه لاي قانون انتخابي جديد يريح الاطراف بحيث لا يلغي احد احداً ولو على حساب النسبية الكاملة التي تؤمن عدالة التمثيل وفق الثنائية الشيعية، وعلى الرغم من ذلك فان المعنيين لم يحركوا ساكناً وكأنهم متفقون على الفراغ وانهيار الدولة وما يعنيه ذلك على كافة الاصعدة وبالاخص الامنية والاقتصادية منها في مرحلة تزول فيها دول في المنطقة، ولكن وفق المراقبين ان الازمة الراهنة لا تنحصر في قانون الانتخابات بل هي في حقيقتها تكمن في محاولة اطراف اعادة تكوين المعادلات قبل الوصول الى انتاج السلطة، وهنا بيت القصيد.
وتشير الاوساط الى ان ثمة مسحة من التفاؤل بدأت تتسرب داخل الاروقة السياسية لا سيما وان الجميع باتوا في المأزق وان اعادة تعويم اللجنة الوزارية لدراسة صيغ قانون انتخاب جديد في اجتماعات متلاحقة يعتبر فألاً حسناً وسط معلومات عن رفض وزير المال علي حسن خليل المشاركة اذا ما عقد اللقاء في مكتب وزير الخارجية جبران باسيل بعدما وصلت العلاقة بين «التيار الوطني الحر» وحركة «امل» الى حدود القطيعة كي لا نقول العداء. وسط تسريبات تقول ان رئيس الحكومة سعد الحريري اعد مشروعاً يشكل حلقة ربط بين المشاريع المطروحة بعدما التزم موقفاً حيادياً للتواصل مع كافة الافرقاء بهدف الخروج بحل ممكن للازمة المستعصية بالتوافق على قانون انتخابي جديد واجراء الاستحقاق الانتخابي في ايلول المقبل وفي رأي معظم المراقبين ان مبادرة الحريري تحظى بقبول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لانها تخرج العهد من المأزق وانه ينسق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في ذلك وان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط ليس بعيداً عن الصورة، ووفق العارفين بكواليس السراي الكبير ان مشروع الحريري هو نسخة عن قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مع «ماكياج» اي اعتماد النسبية في دوائر وسطى بحيث ترضي المسيحيين وتراعي مخاوف جنبلاط ولا تهمل حسابات المستقبل ولا تتعارض مع الثنائية الشيعية، وانه اذا تم التوافق بين الافرقاء على ذلك مساء اليوم فيمكن عرضه على الجلسة الوزارية غداً في السراي ويمكن عندها الدعوة الى جلسة حكومية في بعبدا.