IMLebanon

عن «الحزب» وصحة جعجع

 

من المعروف عمومًا، انّ المصيبة تجمع، لكن يبدو انّ وباء «الكورونا»، على خطورته، لم يكن كافيًا لتجميد التناقضات اللبنانية ولو الى حين، بل هو رفدها بمادة سجالية إضافية، بعدما شاءت الأقدار ان تكون المصابة اللبنانية الاولى بالفيروس العابر للحدود آتية من إيران.

مرة اخرى، اثبتت القوى والمكونات اللبنانية قدرتها على اجتراح الاستثناء للقاعدة، وعلى قلب الاولويات والبديهيات، فصارت للكورونا في لبنان عوارض سياسية وليس فقط صحية!

 

سريعًا، اختلطت فيروسات الإنقسام الداخلي بالكورونا، ما ادّى الى مزيد من «الالتهابات» الطائفية والسياسية في الجسم اللبناني السقيم، وصولًا الى التباين في الآراء والمقاربات، حيال طريقة تعامل طهران والحكومة اللبنانية مع المواطنين اللبنانيين العائدين تباعًا من الجمهورية الإسلامية الى بلادهم.

 

خصوم طهران حمّلوها مسؤولية السماح بانتقال الكورونا الى لبنان، واتهموا حكومة حسان دياب عمومًا ووزير الصحة القريب من «حزب الله»، بالتساهل في إجراءات العزل الصحي، وبرفض الوقف التام للرحلات الجوية بين مطار بيروت وإيران، ربطًا بحسابات فئوية.

 

في المقابل، اعتبر حلفاء طهران، انّ هناك تحريضًا متعمّدًا عليها، فقط لانّها تقود محور المقاومة، وانّ البعض يحاول استغلال قضية الكورونا لاستهداف الجمهورية الإسلامية، متجاهلًا انّها اساسًا ضحية انتشار هذا الوباء وليست مصدره.

 

وبعيدًا من التجاذبات العبثية، عُلم انّ «حزب الله» طلب من محازبيه والمنتمين الى بيئته، تعليق المشاركة في رحلات الحملات الدينية حتى اشعار آخر، وتجنّب السفر الى ايران في هذه الفترة، في انتظار جلاء الصورة وتطويق الوباء.

 

وإلى جانب إجراءات وزارة الصحة، يتابع الحزب عن قرب الوضع الصحي للعائدين من إيران، ويحضّهم على التقيّد التام بشروط الحجر الصحي الطوعي حتى انتهاء مدة حضانة الفيروس وعدم الاسترخاء في تطبيق تلك الشروط.

 

ويعتبر الحزب، انّ هذا الوباء المتمدّد، يستوجب التعاطف مع الدول المصابة به، سواء كانت الصين او ايران او كوريا الجنوبية او ايطاليا او غيرها من دول العالم، «وليس التهجّم عليها كما فعل البعض حيال الجمهورية الاسلامية، التي ليست مسرورة بالتأكيد لكون الوباء تمدّد من الصين اليها».

 

وفي رأي الحزب، انّ «من حق البعض في لبنان أن يعترض في السياسة على مواقف طهران وخياراتها، لكن لا يجوز الخلط بين الامور والذهاب في الحساسية المفرطة الى حدّ تسييس حتى الكورونا، بحجة انّ مواطنة لبنانية اصيبت به خلال وجودها في ايران».

 

وتستغرب اوساط قريبة من الحزب، «كيف أنّ هناك من تعامل بإنفعال وتوتر مع ايران، وتحميلها مسؤولية تسرّب الكورونا الى لبنان، بينما على سبيل المثال لم نسمع صوتاً واحدًا ولم يحرّك أحد ساكناً إزاء تنكيل جرافة اسرائيلية علنًا بجثة شاب فلسطيني».

 

وتلفت الاوساط، الى انّ «المسائل الإنسانية ينبغي ان تكون عابرة للنزاعات والإصطفافات»، مشيرة انّ «اخلاقيات «حزب الله» وقيمه الانسانية والدينية تدفعه، على سبيل المثال، الى رفض التعليقات المسيئة التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الايام الماضية، بعدما انتشر خبر حول اصابة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بمرض معيّن».

 

وتؤكّد الاوساط، انّه وبمعزل عن نفي جعجع لصحة الخبر، فإنّ ما يعني الحزب، انطلاقاً من إقتناع مبدئي، هو انّه لا يقبل في المطلق استغلال المرض للشماتة بخصم سياسي او للتشفّي منه، «لأنّ الخصومة السياسية مهما كانت عميقة وحادّة كما هي مع جعجع، لا تبرّر التجرّد من العامل الانساني والاخلاقي في حالات معينة».

 

و»حزب الله»، الذي كان قد دعا الى تحييد ملف الأزمة الاقتصادية والمالية عن الخلافات السياسية الداخلية، يلفت الى انّه من الأولى ان «يتمّ فصل الكورونا عن السياسة، بحيث تجري مقاربة تحدّيات هذا الوباء من زاوية انسانية وطبية حصرًا بعيدًا من الزواريب الضيّقة»، مبديًا خشيته من ان يكون هناك من وجد في هذه القضية فرصة للاستثمار السياسي وبالتالي للتصويب على الحكومة واستهدافها.

 

بالنسبة الى الحزب، يجب التعاطف مع المصابين بالكورونا في اي مكان وُجدوا، بمعزل عن جنسياتهم وهوياتهم، «اذ عندما يتعلق الامر بوباء من هذا النوع، لا يعود هناك فارق بين عربي وأعجمي، او بين مسلم ومسيحي».

 

ويعتبر الحزب، انّ «المطلوب تكاتف عالمي لمواجهة هذا الوباء، فكيف بالتكاتف اللبناني الذي هو أكثر من ضروري وملح في مثل هذه الظروف التي تتطلب اعلى مقدار ممكن من التعاضد، ليتعاون الجميع على تجاوز هذا التحدّي الطارئ».

 

ويشدّد الحزب، على «انّ الوقت ليس مناسبا الآن لتصفية الحسابات من اي نوع كانت، أو لاعتماد سياسة النكايات، اذ لا الأزمة الاقتصادية ولا ازمة الكورونا تتحمّلان مثل هذا السلوك».