رغم حسم استاذ السياسة نتيجة عشاء الامس قبل انعقاده ،على اعتبار ان ما قبل عرض عين التينة لن يكون كما قبلها، انتهى ليل مقر الرئاسة الثانية الى «لا شيء»، ليحتل قصري بعبدا وبسترس صدارة التحركات لينتهي الحراك الانتخابي المكوكي كما بدأ تشاؤليا بعدما انفجر الصراع السياسي خلافات شخصية عجزت كل الوساطات عن التخفيف من حدة معاركها الكلامية والتهديدات على طريق بعبدا عين التينة.
فعشاء الاحد في عين التينة لم ينتج عنه الا تأجيل للمواجهة بين الرئاستين الاولى والثانية مع التمديد التقني للاستحقاق من 15 الى 29، رغم كل ما قيل ويقال عن ايجابيات، وان لم يخلُ العشاء من نقاش صريح حول العقد التي تعترض طريق القانون العتيد، رغم ان مصادر عين التينة تشير الى ان مطالعة نائب رئيس حزب القوات اللبنانية جورج عدوان كانت صالحة للبناء عليها الا ان نهايتها باعلانه اصرار الوطني الحر على التاهيلي كانت كفيلة بانهاء اللقاء سلبيا، مشيرة الى ان تقاربا كبيرا حصل في المواقف بين القوات ورئيس المجلس لجهة الليونة في مسالة الصوت التفضيلي وعدد الدوائر اذ ابدى الطرفان استعدادهما للوصول الى صيغة وسط بين الـ10 والـ15 حيث الحديث عن 13.
الرياح السلبية التي خيمت على عين التينة مساء الاحد كانت تجمعت كتلها الحارة من تصريحات قادة امل التي وصلت حد السؤال عما «اذا كان العهد ملك بي باسيل»، لتستكمل في فضاء بيت الوسط التي توزع قياديو تياره الادوار بين مسقط لاقتراح باسيل ومغازل للتيار، تحضيرا للاجتماع الذي وجه الدعوة اليه رئيس الحكومة عبر الواتساب لباسيل، عدوان، علما ان الحريري استبق وصوله الى بيروت باطلاقه رصاصة الرحمة على الاتفاق مع بيك المختارة من قطر حيث «زكزك» منها ايضا القوات اللبنانية، بحسب اوساط متابعة، مضيفة ان كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد حول التوصل لقانون انتخاب يعتمد النسبية الكاملة قبل 20 حزيران ما هو الا من باب الضغط على بعبدا والتيار الوطني الحر المصران حتى الساعة على التاهيلي.
وتتابع الاوساط بأن النقاش التقني لن ينجح في ظل الفالق السياسي الآخذ في الاتساع بين القيادات السياسية وخاصة الرئاستين الاولى والثانية اللتين تخوضان المواجهة من منطق «الانتقام» لنتائج معركة رئاسة الجمهورية، ما بات يحتم توافر غطاء سياسي داخلي او اجماع اقليمي خارجي لفرض الاتفاق على المعنيين، فالمشاورات بوتيرتها ومناخها الحالي مضيعة للوقت طالما ان حزب الله محجم عن التدخل لتبريد الاجواء المتوترة بين حليفيه التيار وأمل، ما يطرح التشاؤلات حول رغبته الجدية في التوصل الى قانون جديد قبل اتضاح جملة معطيات داخلية وخارجية منها مسار الامور في المنطقة، وماهية التعاطي الرسمي مع رزمة العقوبات الاميركية التي ستصدر قريبا من الكونغرس، في حقّه.
عزز هذه الصورة التشاؤمية الاجواء المتواترة من الخارج حول ما سيرشح من مقررات للقمة الاسلامية العربية الاميركية في السعودية والتي سيحتل البند المخصص لايران صدارتها ،تزامنا مع اتجاه الكونغرس لمزيد من التشدد في القانون الذي يستعد لاصداره حول فرض عقوبات على مروحة واسعة من الكيانات والشخصيات الحليفة لحزب الله، وهو ما دفع بوزير المال الى استعجال رفع طلب التمديد لحاكم مصرف لبنان المغادر الى واشنطن على رأس وفد للوقوف على حقيقة ما يسرب من اسماء مشمولة بالعقوبات وخطط يضعها الاميركيون، قبل أن يزورها في غضون الأيام القليلة المقبلة وفد نيابي لعقد سلسلة اجتماعات تتركز على تحييد المؤسسات المالية اللبنانية من العقوبات الأميركية المتوقعة على «حزب الله»، بعدما التزم لبنان بالمعايير المالية الدولية كافة، بحسب مصدر دبلوماسي مطلع في بيروت، والذي اشار الى ان ذلك سيدفع بحزب الله الى التشدد سياسيا عبر «تأمين طوق نجاته عبر قانون انتخابات يريحه ، بعدما حشرت خطوته الدولة اللبنانية بتسليمها الحدود الشرقية كاملة وبالتالي فصلها الجغرافي الكامل بين لبنان وسوريا، في الوقت الذي يستعجل فيه محور حزب الله ايران نقل المعركة الى البادية السورية تمهيدا لفتح الطريق البرية من طهران فبغداد مرورا بدمشق الى بيروت، وهو محور المعركة المقبلة وباب قصيد التسويات الدولية الجارية.
ثمة من يعتقد ان الذهاب في خيار الـ«لا قانون» حتى الدوحة يعني عمليا فراغ السلطة التشريعية ما يهدد جديا السلطة التنفيذية برأسيها رئاسة الجمهورية والحكومة، وعليه تعود عقارب الساعة الى الـ89 في انتظار طائف ما، يمرر وقته الضائع بهمروجات اعلامية وبورصة ايجابيات وسلبيات تفقد المتابعين البوصلة.