هل من مجال للقول ان حكومة الرئيس تمام سلام قد بلغت ذروة الصراع الداخلي ام انها لا تزال متماسكة نظرا لمعرفة الجميع انها الخرطوشة الاخيرة في سلطة الامر الواقع، بعدما جرب بعضهم ان يحتكم الى محاولة اثبات الوجود السياسي، لاسيما ان الامور في البلد سائرة باتجاه المجهول الذي يعني بالنسبة الى البعض استحالة الخروج على الانضباط المؤسساتي الذي يحتم على الجميع ان يكونوا اداة حكم وليس مجرد تعبير عن الرأي كما يحاول البعض الايحاء بان بعض الوزراء اصبحوا مؤهلين لان يرموا القفاز في وجه بعضهم البعض على خلفية التباين ازاء عدم نجاح مقاربة التعيينات العسكرية والامنية؟!
يقال في هذا المجال ان ثمة استحالة امام وصول بعض افرقاء السلطة الى حد الاستقالة كونهم يعرفون ان لا مجال عندها لتشكيل حكومة بديلة، حتى وان كان المقصود اثبات وجود بعضهم على حساب البعض الاخر ممن لا وزن لهم ولا طعم ولا رائحة، وهؤلاء معروفون تماما في قالبهم المادي والمعنوي الذي يمنع عليهم اتخاذ اي موقف سلبي كي لا يقال عنهم انهم من صنف الخوارج، اضافة الى ان الحوار الدائر بين تيار المستقبل وحزب الله وان لم يؤد الى نتائج مباشرة، غير انه اسهم في تبريد الاجواء ومنع الجانبين من الوصول الى مرحلة التحدي؟!
القضية الاساسية التي يفترض التوقف عندها، تكمن في استمرار الجميع بالتمسك بالسلطة التنفيذية المتمثلة بحكومة الرئيس تمام سلام، وهذا ما اثبتته التطورات بحسب اجماع الافرقاء السياسيين الذين من الصعب ان يجدوا انفسهم من دون رئيس جمهورية ومن دون حكومة فاعلة ومن غير مجلس نيابي قادر على ان يكون سلطة تشريعية، وفي الحالين ثمة من يجزم بأن الدولة لم تعد تعتبر نفسها دولة في ظل غياب رئيس الجمهورية، فيما المعروف عن مجلس النواب انه لم يعد يمثل شيئا بعد استحالة جمعه على اساس تشريع الضرورة ليس لان المشاريع غير متوفرة بل لانها اقل من المطلوب طالما انتفى التشريع بداية من الانتخابات الرئاسية؟
ان الخطأ الذي وقع فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما حدد الثلثين زائدا واحدا لانتخاب الرئيس كان يعرف ان هناك استحالة امام توفر هذا الصدد قياسا على ما هو معروف في البلد من فلتان سياسي من الصعب تأمينه كأكثرية الثلثين الامر الذي يعني ان استمرار الوضع على ما هو عليه سيعني ان لا انتخاب ولا رئيس في المستقبل المنظور، اقله ليس قبل نهاية الحرب السورية، بما في ذلك اقتناع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون بان لا مصلحة له ولا حظ في الوصول الى قصر بعبدا (…)
وطالما ان هذا واقع الامر الرئاسي بالنسبة الى عون، فان خلفية حزب الله متسمك به كي لا يأتي من يحاسبه على دخوله الحرب في سوريا، بما في ذلك سلاحه غير الشرعي الذي بلغ ذروة التفلت من جانب السلطة التي لم تعد تعرف كيفية مقاربة هذا الموضوع الحساس، وهي عندما تركت الامور تصل الى حد الحوار مع تيار المستقبل فأقله تجنب استخدامه في الداخل في المستقبل المنظور.
وما يقال عن الازمة السورية لا بد وان يقال عن الازمة اليمنية التي دخلتها ايران من غير ان تفهم ان قتالها على ثلاث جبهات (سوريا والعراق واليمن) عملية مستحيلة بقدر ما هي مستغربة في حال لم تستوعب طهران مخاطر انجرارها وراء حروب المنطقة سيؤدي الى ما يفهم منه ان مجال الخروج منها اصبح من المستحيلات، حتى وان كان قد دفع بمقاتلي حزب الله الى معركة اثبات الوجود في سوريا التي من الصعب خروجه منها قبل ان تتضح الصورة المستقبلية للمنطقة ككل، لكن المستحيلات في هذا الظرف لن تصب في مصلحة ايران المرشحة للانهاك جراء الحرب في سوريا (…)
من هنا يفهم الدور المرسوم لحزب الله اي ان يمثل ايران في سوريا في حال اضطرته الظروف لان يحل محل المقاتلين الايرانيين، انما الامور ليست بمثل هذه السهولة نظرا لتوسع المعارك وتعدد اوجه الصراع العسكري في طول سوريا وعرضها؟!
ان قول البعض ان حزب الله عندما دخل الحرب السورية من خلال وحدات النخبة قد ادى الى خسارة المزيد من مقاتليه الذين وجدوا انفسهم في مجال حرب واسعة لا تنسيق فيها ولا انسجام بين منظوماتها القتالية التي تتكل على الطيران الحربي، فيما تبدو الحرب البرية اوسع من ان لا يطاولها تحرك بري وجوي وبحري متفاهم على اساس استراتيجي لا مجال في الوقت الحاضر للتوقف عنده!