جهنم… وبئس المصير،
هو فخامة رئيس الجمهورية «بي الكل»، الذي أقبل إلينا متجاوزا البروتوكول والأسلوب الهادئ والتعبير المهدئ، ليبشرنا بأن فشل الحل الذي حمله إلينا الرئيس الفرنسي ماكرون، سيؤدي بالبلاد والعباد… إلى جهنّم!! مكتفيا بالشكوى الموجهة من قبله إلى اللبنانيين المفجوعين بمعاناتهم وآلامهم، ومتمنعا عن القيام بأي إجراء عملي رادع.
أما وحقيقة الأمر أن لبنان غاطس في صلب جهنم، خاصة بعد 4 آب المنصرم، ذلك اليوم المشهود «بانفجاره النووي» وبكوارثه الإنسانية التي قلبت بيروت رأسا على عقب، وكان من حصيلتها ذلك التحرك الدولي الذي قادته فرنسا باتجاه انتشال لبنان من «جهنم» التي أوقعه فيها أولئك الذين وضعوا مرفأ بيروت تحت رحمة من أوصلوا وأودعوا جهنم ومعها وضعية التفجير الرهيب الذي أودى بمئات المواطنين الأبرياء والتهم مؤسساتهم وجنى أعمارهم وبات معظمهم تحت رحمة الأقدار بعد أن دمرت منازلهم وبات التشرد والأمل المفقود متحكما برقابهم وبمصير أطفالهم، دون أن نغفل مستجدات عديدة طرأت على الساحة اللبنانية وأهمها وأكثرها مدعاة إلى التساؤل والذهول: إنفجار عين قانا في صلب الجنوب المحتكر وخلفياته متعددة الوجوه والذنوب.
حقيقة الأوضاع في لبنان الحالية أنه بات مشطورا إلى قسمين: اولهما، الثنائي الشيعي الممعن في التهديد بسلاحه وباطباقه على أنفاس الدولة والمؤسسات وبانطلاقات حزبه في المدى المتاح والمستباح من بلدان العالم العربي، خاصة منه ذلك المدى الداخل في الحسابات الإيرانية، ومطامحها الأمبراطورية وتطلعاتها الفارسية، وثانيهما، بقية الشعب اللبناني بكل فئاته وجهاته المناطقية والإنتمائية المختلفة بما فيها، التيار الوطني الحر بزعامة «بيّ الكل» الرئيس عون ومؤازرة ومواكبة معالي الصهر العزيز الذي شطح بعنف نحو تأييد المبادرة الفرنسية والتخلي «آنيا» عن طموحاته الآنية في تولّي سلطات أساسية في أيام العز التي ولّت، متشبثا بها ومتجاوزا حدودها إلى مواقع الطموح بأن يكون رئيس جمهورية البلاد المقبل. وحقيقة الأمر أن الرئيس عون قد أدخل إلى وقائع الأحداث، وضعية شبه إنفصالية عن التحالف مع الثنائي الشيعي، وباتت أفعاله السياسية متباعدة إلى حدّ كبير عن كثير من توجهات التحالف شبه السابق بحيث أن كل من فريقيه أصبح مغنيا على ليلاه، بصولو منفرد، كما أن الرئيس عون بالتحديد أخذ يتصرف بنواح عديدة من توجهاته، بما يمكن أن يجعل منه فريقا منفصلا، بل منضما إلى أرتال الجموع اللبنانية الحريصة على دولتها ووحدتها وسلامة أوضاعها العامة وبصورة خاصة، المالية منها والإقتصادية بعد أن أصبحت البلاد في وضع يرثى له «لا تهزها واقفة على شوار» والإفلاس المؤدي إلى الزوال كما صرح بذلك وزير الخارجية الفرنسي لودريان، وواقع الأمر أن توصيف الرئيس عون للمقبل من الايام إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه، فاننا في توجه محتوم نحو جهنم، وبئس المستقبل الذي يذكره رئيس البلاد بكل ثقة وتنبيه شديد وتحذير أشد، فماذا أضفنا إلى ذلك التصريح الأخير للرئيس سعد الحريري الذي ذكر واقعة تجرع السم فان الوضع يزداد حدّة وشدّة وضبابية.
عودة إلى المطالب الفجائية التي يتشبث بها الثنائي الشيعي بعد أن ألبسها ثوبا طائفيا مستجدا حافلا بالصفات الخاطئة، حيث اعتبر أن من حقه «عرفا» الإستحواذ الدائم على وزارة المالية مخالفا بذلك الدستور اللبناني وواقع الوزارة التي لطالما تولاها وزراء سنة ودروز ومسيحيون من مختلف التنوعات، وهي قد مثلت انقلابا على ما تم التوافق عليه مع الرئيس الفرنسي بخصوص حل سياسي يهدئ الأوضاع ويتجاوز الخلافات العميقة ويرجئ البت بها إلى مرحلة مقبلة بعد أن تكون الحكومة الجديدة قد سوّت ما أمكنها من قضايا الخلل والإستغلال والنهب والسرقة التي تتعرض لها المؤسسات العامة، وبعد أن تكون حلّت مشاكل الفساد التي تمزق الجسد اللبناني وتجعل نهوضه إلى الحياة أمرا مستحيلا إن لم تتولى شأنه وإصلاحه، قوة دولية تعيد الأوضاع إلى نصابها، ومؤمن التحويل اللازم لإنهاض البلاد من عثراتها، خاصة تلك المستجدة بعد «كارثة بيروت النووية» وكلفة الإصلاحات التي تتطلبها، وهي في حاضر الأمور، غير متوفرة حتى إذا ما توفرت، فإن الجهات الممولة المفترضة لا تأمن على مالها من تصرّف مسؤولين تثبّتت من جرائهمهم بحق المال العام من أثرها المدمر على مستقبل هذا الوطن وأبنائه الذي بات مهتزا يغشاه الضباب القائم.
جهنم مقبلة إلينا!؟ بل نحن في قلب جهنم، ولا ينقذنا منها موقف كالذي يفاجئنا به الثنائي الشيعي في هذه الايام الإنقلابية.
البلاد تستغيث طالبة الإسراع في عملية الإنقاذ والخلاص التي لم تعد تملك ترف الإنتظار المستمر مع استمرار عمليات السرقة والنهب والتخريب. نحن باتجاهنا نحو جهنم: هكذا وصّف رئيس البلاد حالتنا القائمة، بل نحن في صلب جهنم، في أوضاعنا الحالية وبئس الواقع وبئس المصير.