IMLebanon

المجانين المفيدون  في حرب اردوغان

عملية التطهير مستمرة ومتوسعة في مؤسسات الدولة والمجتمع في تركيا. ولا أحد يعرف أين ومتى يمكن أن يتوقف الرئيس رجب طيب اردوغان عن الذهاب الى النهاية. والبعض يقول إنه لا يستطيع أن يتوقف لأن المعركة التي يخوضها اليوم، بعد المعارك التي ربحها منذ العام ٢٠٠٢، هي التي تحسم ربح الحرب. فلم يعد سراً أن لوائح التطهير كانت جاهزة من خلال متابعة استخبارية على مدى أعوام. ولا أن المحاولة الانقلابية الفاشلة كانت نوعاً من حرب استباقية قام بها الضباط الخائفون على رؤوسهم ومراكزهم، فلعبوا، لحسن حظ اردوغان، دور من سماهم لينين المجانين المفيدين. ولو كان الانقلاب مثل الأربعة التي سبقته ضمن سلسلة القيادة لما كان يمكن فعل أي شيء حسب الانطباع الذي ساد رئاسة الوزراء في البدء، كما نقلت النيويورك تايمس عن جمال الدين هاشمي مستشار رئيس الحكومة بن علي يلدريم.

ذلك ان اردوغان رئيس الجمهورية هو اردوغان رئيس بلدية اسطنبول الذي حُكم عليه بالسجن بعدما قرأ في أحد المهرجانات قصيدة تقول: المآذن حرابنا، القباب خوذنا، المساجد ثكناتنا، والمؤمنون جنودنا. وأي حزب أو تنظيم في إطار الاسلام السياسي في تركيا سواء كان متشدداً أو معتدلاً يهدف، بطبائع الأمور، للعودة الى ما قبل مصطفى كمال أتاتورك. وما يريد التخلص منه هو العلمانية وتغيير الجيش الذي من مهامه حماية الجمهورية والعلمانية بنص دستوري.

وحزب العدالة والتنمية ليس من الاستثناءات. فحين ربح الانتخابات النيابية في العام ٢٠٠٢ شعر اردوغان بأنه مهدد من النواة الصلبة العلمانية في الجيش، فاعتبر أن أنصار فتح الله غولن في مؤسسات الدولة رصيد لحزبه فتحالف مع الداعية الاسلامي، كما يقول مصطفى اكيول مؤلف كتاب اسلام بلا تطرف: قضية اسلامية من أجل الحرية. وفي العام ٢٠٠٧ لعب القضاة والمدعون العامون وضباط البوليس التابعون لغولن دوراً في ادخال الضباط العلمانيين وحلفائهم المدنيين الى السجون. وفي العام ٢٠١٢ خلا الجو لحزب العدالة والتنمية وجماعة غولن لحكم البلد، حسب اكيول. لكن الخلاف بدأ عام ٢٠١٣ عندما ألقى ضباط البوليس والمدعون العامون القبض على وزراء ومسؤولين في السلطة بتهمة الرشوة، الأمر الذي اعتبره اردوغان محاولة انقلاب ضده، وخصوصاً ان نجله بلال كان بين من حامت حولهم التهم.

وما يدور حالياً هو حرب الشريك الحاكم على الشريك الذي لم يعد في حاجة اليه، بعدما جرى تطويع الجيش وتخفيف أحماله العلمانية، وصار المطلوب افراغه من جماعة غولن. لكن البيكار يبدو أوسع بحيث يشمل التطهير النخب الليبرالية الديمقراطية واكمال سيطرة الأناضول على الرومللي.