IMLebanon

عملية «حزب الله» بالمزارع إصرار على الاحتفاظ بالسلاح وبقرار السلم والحرب

رفض دعوة البطريرك للحياد والتمسّك بإبقاء لبنان منصة للمشروع الإيراني

 

تحمل العملية العسكرية التي نفذها «حزب الله» بالأمس ضد موقع عسكري إسرائيلي في منطقة مزارع شبعا المحتلة، مؤشرات ودلالات عديدة في هذا الظرف الإقليمي والدولي المتشابك، واولها: استمرار التزام الحزب بالرد الانتقامي وتبادل الرسائل ضمن حدود مزارع شبعا اللبنانية، وهي المنطقة التي ما تزال موضع أخذ ورد وخلاف ومتنازع عليها ولم يتم التوصّل إلى أي تسوية نهائية بخصوصها. وكما حصل أكثر من مرّة بالرد على عمليات عسكرية استهدفت الحزب سابقاً، لم تتخط عملية الرد على مقتل عنصر من الحزب بسوريا بغارة جوية إسرائيلية الأسبوع الماضي الحدود المرسومة إلى أبعد من ذلك، بل أتت ضمنها بتفاهم ضمني غير معلن بين الطرفين كما أصبح معلوماً للجميع.

 

ثانياً: إصرار الحزب على إبقاء لبنان أسير مشروع الهيمنة الإيراني كما هي الحال مع بعض الدول العربية، والاستمرار باستعماله كدولة مواجهة تدور في الفلك والطموحات الإيرانية وساحة من ساحات المواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة مع إيران، بالرغم من رفض معظم اللبنانيين لهذا الاستئثار ومعارضتهم القوية لمثل هذا الخيار الهدام الذي الحق الضرر الكبير بلبنان.

 

ثالثاً: الرد غير المباشر على الحملة التي يقودها البطريرك الماروني مار بشارة الراعي لتحييد لبنان عن الصراعات والأزمات وحرائق المنطقة منذ مُـدّة، وابلاغ من يعنيهم الأمر بأن الحزب يرفض هذه الدعوة التي يعتبرها ضمناً انها موجهة ضده، حتى ولو حظيت بدعم وتأييد أطراف محليين ودوليين.

 

لم يعد مستغرباً تشبث «حزب الله» بحكومة حسان دياب التي يُهيمن على قرارها بالكامل بالرغم من تعثرها وفشلها في إدارة السلطة ومعالجة الملفات

 

رابعاً: رفض كل الدعوات المحلية والإقليمية والدولية لوضع سلاح «حزب الله» الميليشيوي تحت سلطة الدولة اللبنانية وقرارها من جهة، واستباق أي قرار دولي ولا سيما ما يتردد عن احتمال تضمين قرار إعادة التجديد لقوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان دعوة مشددة لوضع سلاح الحزب بأمرة الشرعية اللبنانية وتحت سلطتها.

 

ولذلك، فإن تصرف الحزب على هذا النحو وتحت ذريعة الرد على مقتل عنصر من عناصر الحزب بعملية عسكرية إسرائيلية، يعني الإصرار على استعمال لبنان كمنصة للحزب للمشاركة في الحروب الإقليمية والمذهبية متجاوزاً القوانين والدستور خدمة للمشروع الإيراني كما فعل في العديد من الدول العربية الشقيقة على مر السنوات الماضية.

 

فمبرر الرد على مقتل أحد عناصر الحزب بسوريا من لبنان لم يعد مقنعاً لأكثرية اللبنانيين، لأنهم يرفضون بالاساس هذه الممارسات ويقفون ضدها، باعتبار مشاركة الحزب بالقتال في سوريا تحت شعار وذرائع مرفوضة تتعارض كلياً مع مهمة مقاومة إسرائيل والتصدي لها، وبالتالي فإن الامعان بالرد على ما يتعرّض له الحزب بسوريا، يرتب تداعيات ونتائج سلبية خطيرة على لبنان واللبنانيين، لا علاقة ولا قدرة لهم على تحملها.

 

من هنا، فإن قيام الحزب بتنفيذ عملية عسكرية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، يأتي أيضاً في إطار ترجمة عملية لامساكه بمفاصل السلطة ومصادرته للحياة السياسية، لاجهاض أي تحركات أو خطوات على مستوى السلطة تكبح جماح تحركه بمعزل عن قرار ومصلحة الدولة اللبنانية.

 

إزاء ذلك، لم يعد مستغرباً تشبث «حزب الله» بحكومة حسان دياب التي يهيمن على قرارها بالكامل بالرغم من تعثرها وفشلها في إدارة السلطة ومعالجة الملفات والقضايا والمواضيع التي تهم المواطن اللبناني، لأنه ضامن لسكوتها وصمتها المطبق عن تحركاته وتفلته من القوانين والأنظمة على اختلافها، في حين ان توقيت قيام الحزب بشن العملية العسكرية في هذا الظرف بالذات، لن يتسبب بتداعيات على الصعيد الداخلي فقط، بل سيزيد من النقمة الخارجية التي تصاعدت منذ تأليف هذه الحكومة، حكومة اللون الواحد التي لم تراع في تشكيلتها التوازنات السياسية، بل أتت مطابقة لمصالح الحزب وتطلعاته ومصالحه المحلية والإقليمية، وبالطبع سيتحمل اللبنانيون مضاعفات هذه الممارسات، وقد يترتب عليها زيادة المقاطعة العربية والدولية للحكومة والدولة اللبنانية والتشدد في مد يد العون وتقديم المساعدات المادية المطلوبة لحل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي يعانيها لبنان حالياً.