Site icon IMLebanon

الغلاء “يُلهب” جيوب اللبنانيين في فترة الإقفال العام

 

المطلوب إقرار سياسات دعم مختلفة وتشديد الرقابة على سلامة الغذاء

في وقت أصبحت الرواتب تخسر قيمتها بالليرة اللبنانية، إنفلشت أسعار المواد الغذائية والإستهلاكية الأساسية وخاصةً خلال فترة الحجر الصحّي. فعلى من تقع مسؤولية ضبط الأسعار؟ وهل هناك أي خطّة لعلاج الوضع؟

 

لا شك أن قرار الإقفال العام تسبب بهلع لدى المواطنين ما أدّى لهجومهم الكاسح على الأفران والسوبرماركت للتموين، الأمر الذي انعكس على كمية المواد الغذائية. ولكن سرعان ما تمت تغطية هذا النقص لأن الكميات الموجودة في المخازن تكفي لمدّة 3 أشهر كاملة. وبدوره يؤكد رئيس جمعية المستهلك – لبنان الدكتور زهير برو أنه: “لا يوجد نقص في كميات المواد الغذائية المحلية والمستوردة العادية، أما بالنسبة للمواد المستوردة النادرة ومرتفعة الأسعار فهناك نقص في كمياتها”.

 

ومع بداية الحجر الصحي، أُلزمت كلّ من السوبرماركات والملاحم ومحال الخضار بالإعتماد على خدمة الدليفري. ويُعتبر هذا الإقفال الأكثر تشدداً نظراً لتفشي وباء كورونا السريع، الأمر الذي انتهى بفوضى أثرت على التجار والمستهلكين.

 

احتكار الأسعار

 

بعد مرور عدة أيام على الإقفال العام،لاحظ المستهلك أن أسعار بعض السلع بدأت ترتفع، إذ تشير إحدى المواطنات الى أن “سعر الكوفي مايت إرتفع ليصبح 24000 ليرة بعدما كنت قد إشتريته بـ 21000 ليرة قبل الإقفال العام وعندما استفسرت عن السبب قيل لي إن السوق يخضع للعرض والطلب والدولار قد ارتفع”. وبما أن البيع يتم عبر خدمة الدليفري، فمن السهل تغيير بعض الأسعار خاصةً وأن الزبون غير قادر على قراءة السعر والتدقيق به. ويزيد برو: “بالنسبة للأسعار فهي “فلتاني” وخاصةً في دكاكين الضيعة حيث يستفردون بالمواطن في شوارعهم بدون رحمة”. كما أكّد أنه “في ظل غياب المنافسة، ستبقى الأسعار مرتفعة وسيبقى الإحتكار قائماً”.

 

لم تتوقف الأمور فقط عند إرتفاع أسعار بعض السلع الغذائية، فالفوضى في أسواق المواد الغذائية وصلت إلى الفواكه والخضار، إذ أن إنخفاض الطلب عليها أدى إلى إنخفاض العرض ما جعل التحكم بالسعر أسهل لدى بعض تجار المفر٘ق. ويشير أحد المواطنين: “طلبت كيلو تفاح بعتلي المضروبين و بـ 8000 ليرة” مؤكّداً أن عملية بيع الخضار والفواكه عبر خدمة الدليفري لم تنجح ولا يمكن أن تنجح. من هنا جاءت صرخة رئيس تجمع مزارعي البقاع إبراهيم ترشيشي بأن قرار الإقفال الحالي تسبّب بأذى شديد للمزارعين، لأن هناك صعوبة كبيرة بتصريف الإنتاج، وما يتم تصريفه اليوم لا يتخطى الـ 30 بالمئة من حجم الإنتاج.

 

إذاً يمكننا الإستنتاج أن الأسعار لم تتغير رسمياً، وبالتالي على اللبنانيين الحذر من جشع وطمع وإحتيال بعض التجار في لبنان الذين يجدون الظروف الحالية مؤاتية لزيادة أرباحهم.

 

علاج الموضوع

 

نرى أن لبنان قد انضم إلى عداد الدول الفاشلة العاجزة عن تزويد مواطنيها بالمواد الغذائية وبالخدمات الأساسية، نتيجةً لإنهيار النظام المالي والمصرفي، فيما تقع البلاد رهينة طبقة سياسية فاسدة تفتقر إلى الكفاءة. ويصف برّو الطبقة السياسية “بالصيادين، اذ انهم لا يسعون لخدمة الشعب اللبناني الذي أصبح رهينة هذه الطبقة من دون التفكير بمصالحهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم”.

 

ويعتبر بر٘و “أن الإقتصاد اللبناني كله “احتكار بإحتكار” بحيث أكثر من 85% بحسب دراسات البنك الدولي من إقتصاد لبنان هو اقتصاد إحتكاري”، وأن الحل الوحيد لانخفاض الأسعار يكون عن طريق خلق قدرة تنافسية، أما بالنسبة لرقابة الاسعار من الجهات المختصة فهي بلا جدوى، فعلى وزارة الإقتصاد بمثل هذا الظرف العمل على اقرار سياسات دعم مختلفة تماماً وتشديد الرقابة على سلامة الغذاء وخاصةً بفعل ندرة المواد الغذائية وغلائها”.

 

أما بالنسبة للقطاع الزراعي فلا بدّ من إعادة النظر في دوره من أجل بناء نموذج اقتصادي مستدام من شأنه الحد من التفاوت بين المناطق وضمان الأمن الغذائي. إذ أن تدخل الدولة في هذا المجال أمر ضروري.

 

ما يحصل اليوم في لبنان هو انتهاك لحقوق الإنسان. فلكل فرد الحق في الغذاء، إذ يُعتبر الحق في الغذاء عاملاً جوهرياً لحياة كريمة. فالدول مُلزمة بمجهودها الفردي أو عن طريق التعاون الدولي، بوضع مجموعة من التدابير المتعلقة بإنتاج المواد الغذائية وحفظها وتوزيعها للتأكد من سهولة حصول كل فرد على غذاء كاف يحرره من الجوع وسوء التغذية. وبحسب بر٘و: “إذا لم يتحرر الشعب اللبناني من قيود السلطة الحاكمة، فمن المستحيل ان يحصل على حقوقه”.