لم يعد حقل كاريش الواقع إلى الجنوب من الخط 23 في منطقة متنازع عليها وفق الاعتراف اللبناني بأن منطقة النزاع مع إسرائيل هي بين الخطين 1 و 23، وأصبح الإسرائيلي يملك بوضوح ورقة طمأنة الشركات إلى أنها تستطيع العمل في هذا الحقل واستخراج الغاز من دون أي عوائق أو تهديدات.
هذا الواقع يعني أن التفاوض سيكون على المنطقة التي تقع فيها البلوكات الجنوبية اللبنانية 8 و9 و10 ولا يمكن لشركة توتال مثلاً أن تبدأ الحفر في البلوك رقم 9 قبل تسوية النزاع في هذه المنطقة، كما أن ذلك قد يؤثّر سلباً في مشاركة الشركات في دورة التراخيص الثانية التي تشمل البلوكات المتبقية ومنها 8 و10.
إن الإنجاز الأكبر الذي يمكن للبنان أن يحققه في مفاوضات على النزاع في هذه المنطقة البالغة مساحتها 860 كلم مربعاً هو أن تبقى هذه المنطقة بأكملها تحت سيطرته ولكن من يضمن الموقف الإسرائيلي لجهة مطالبته بالعودة إلى خط هوف الذي يقسم هذه المنطقة إلى شطرين واحد تحت السيادة اللبنانية وتبلغ مساحته 490 كلم مربعاً وآخر تحت السيطرة الإسرائيلية ومساحته 370 كلم مربعاً، وستؤدي العودة لهذا الخط إلى خسارة لبنان أجزاء من البلوكات 8 و9 و10 فهل سيقبل لبنان بالعودة إلى هذا الخط وما هو البديل الذي يطرحه؟
بعد كلّ ما سبق يمكن القول إن إسرائيل لم تعد مستعجلة لتسوية النزاع هناك لأنّ يدها أطلقت في حقل كاريش وكلّ ما تحققه منذ الآن فصاعداً يعدّ مكاسب لم تكن تحلم بها ربّما، وأصبحت العجلة في المقابل صفة الموقف اللبناني الضائع بين الخطوط والوعود.