IMLebanon

الروح القدس… استقال

 

الأزمة اللبنانية قيد التدويل عمليا. ففي يوم واحد (أمس بالتحديد) كان هذا البلد الصغير المنكوب، واللبنانيون المعذبون، مدار كلام مهم في مقامَين خطيرِين. أولهما المقام المعنوي الأول في العالم، على لسان قداسة البابا فرنسيس في حاضرة الڤاتيكان، الذي تناول أوضاع لبنان بكثير من الحب والغَيرة والأمل بالقيام من العثرة. وهذا ليس جديداً على قداسته ولا على أسلافه العظام، وبينهم البابا القديس جان بول الثاني الذي لم يكتفِ بزيارة لبنان، بل نظّم أيضا السينودس المسكوني من أجل لبنان الذى انتهى بـ«الارشاد الرسولي» الشهير الذي لقي الترحاب ليس فقط من المسيحيين انما، كذلك، من المسلمين على حد سواء. وتعليقاً على دعوة قداسة البابا فرنسيس، أمس، الى الصلاة من أجل لبنان، وإيكال امر هذا الوطن الى إلهام الروح القدس، عقّب سياسي عتيق قائلاً، بما بين الجد والهزل: اننا نشكر قداسته، ونقدّر مساعيه الخيرة من أجل قيامة وطننا، وأود أن ألفت عناية قداسته الى ان الروح القدس، له المجد، قد استقال من دوره عندنا جراء كثرة تعاطي الشياطين في اللعب الماكر على الساحة اللبنانية.

 

الى ذلك، وفي سياق مماثل، أسفر لقاء وزير الخارجية الفرنسي جان – ايف لو دريان ونظيره الأميركي انطوني بلينكن عن التأكيد على أن الأزمة اللبنانية سائرة نحو التدويل، بدليل ما اعلنه الرجلان في المؤتمر الصحافي المشترك الذي حمل عبارات مختلفة، حتى النقيض الكامل، عن كلام قداسة البابا… فلم تكن فيه دعوة الى الصلاة، بل كان بمثابة العصا التي لوّح بها الرجلان، معتمدَين تعابير قاسية في حق السياسيين اللبنانيين «الفاسدين الذين نعرفهم جيدا» على حد ما ورد في كلام رئيس الديبلوماسية الفرنسية، منبهَين الى «مأساة تفكّك لبنان»، آخذَين على «الطبقة السياسية» انها «تمارس الفساد».

 

وفي منأى عن الصلاة هناك، والعصا الغليظة هنا، يبقى واضحا أن الأزمة اللبنانية قد انتقلت الى المحافل الدولية، تمهيداً لبحثها في مجلس الأمن الدولي بمبادرة فرنسية – أميركية مشتركة، بعد ان يكون الكاردينال البطريرك الراعي قد طرحها في مؤتمر الأساقفة اللبنانيين الذي دعا إليه رأس الكنيسة الكاثوليكية.

 

فلماذا لا يبادر اللبنانيون، خصوصاً المسؤولين، الى أخذ شؤونهم بأيديهم، قبل فوات الأوان؟