IMLebanon

…إلى العابثين بوجود الوطن

 

وكأن القيامة وقد قامت في هذا البلد المنكوب، شأنه شأن العالم بأسره وهو يتخبط بأزماته مخلوطة ومجبولة بالأزمة الكبرى … جائحة الكورونا بكل ما أطلقته على الناس من مواجع وفظائع. ولكن القيامة التي قامت لدينا لها خصائص ملوّنة تمازجت مع الواقع السياسي والإقتصادي الملتهب ، وزادها الكورونا لهباً واتقاداً، حتى لأصبحنا أمام وضع لا يطاق ولا قدرة لمساكين هذا البلد على تحمله، وكم قد اضحوا في تعدادهم، الكثرة الساحقة، العاجزة عن تحمل جملة من المصائب، وها هي دولتهم العلية ممثلة بحكومتنا الحالية العرّاء، تعمد إلى معالجة أسباب الأزمة بصورة عوراء مصوّبة على ما أسمته خطة إنقاذ، فإذا بها في واقع الحال تساهم في إغراقنا إلى أعمق أعماق المأساة، إضافة إلى ما لدينا من إشكالات وأزمات. لقد طفت على سطحنا العام جملةً من العناوين والمطالب التي تتجاوز حدّة الأخطار القائمة لتغرقنا في جملة من التحديات المفسدة والمؤذية، ولتقلب الحلول المطلوبة إلى أوضاع انحلالية من شأنها لو استفحلت أن تجعل من الأسس الميثاقية العامة التي قام عليها الوطن… في خبر كان، ولكنا لو تحققت، أمام لبنان جديد لا نعرفه ولا علاقة لأبنائه الأصائل به وبفذلكاته .

 

ها نحن أمام من يطالب بدولة جديدة فدرالية الطابع، تقسيمية الهدف، وها نحن أمام من يبشرنا بأن الصيغة بأسسها التوحيدية الرئيسية قد انتهت، ويبشرنا بمطلب دولة ثلاثية الرؤوس مجهولة التوجهات، وها نحن نغرق مبتعدين أكثر فأكثر عن إيجاد حلول لأزمة الكهرباء والتي حُلّت معضلاتها في العالم كله منذ نشأة دولها، ونحن لا نزال نصرّ على كل إشكالياتها وخسائرها المادية والإقتصادية الهائلة، وعلى تلويع الناس بعتمتها شبه الدائمة، وزدنا في الطنبور نغما من خلال إصرار التيار الوطني الحر على إقامة مشروع سلعاتا بكل تكاليفه الهائلة التي لا تتحمل الأوضاع الإقتصادية المهترئة أعباءها وضغوطها، بل ان مجلس الوزراء الذي أحسن في قراره بارجاء القرار بصددها، فإذا بالمشيئة الرئاسية غصبا عن الأكثرية الساحقة والشاملة، تطالب بتأجيل المشروع بصورة من خلال أمثالتها إلى رغبة ملحة بإبقائه بكل كلفته وكلفة استملاكاته العقارية ووجود مشاريع أخرى قائمة وقادرة على تأمين انتاجيته، وخلف سلعاتا ما خلفها من خفايا وخبايا بعضها يغوص في بؤر تحاصصية كالتي نعاني من أمثالها في هذا البلد المنكوب، إضافة إلى مخابيء طائفية ومذهبية وكأنها تتناغم مع بعض المطالب المسيئة إلى وحدة البلاد وميثاقية أوضاعها، إضافة إلى فضيحة الفضائح التي ما زالت أصداؤها تغمر الأجواء، عنينا فضيحة عقود الفيول السابحة في دنيا الفساد منذ نشأـها وإطلالتها على عدد كبير من الوزراء العونيين دون أن يتمكن أي فطين منهم من اكتشاف ثغراتها وعوراتها، ودون أن يعمد أي منهم إلى فتح عيونه على مزاريب تهريبها إلى سوريا الشقيقة، فنحن بلدان متجاوران، «جيوبنا واحدة ومصالحنا موحدة»، ونحن مدعوون إلى الدفع بعلاقاتنا إلى أقصى الحدود، حتى يكتمل النقل بالزعرور وحتى تكون العملية بمجمل تفاصيلها، عملية وحدوية الطابع، تساهم في حلّ مشاكل البلدين الشقيقين الإقتصادية، بعد أن استفحلت أوضاعهما واشتدت ضغوطها خلف الحدود المشتركة. وسط هذه المطامع، تطل حكومتنا على صندوق النقد الدولي، متسلحة إضافة إلى ما ذكرنا، بتلاميح ثورة شعبية مقبلة، أسماها الوزير جنبلاط في تصريح له قبل بضعة أيام، بأنها ثورة جوع وجياع مقبلة بعنف غير مسبوق. بكل ما ذكرنا من مقبّلات ومغريات تزيدنا قناعة بأن يتكرم علينا أهل الكرم والعطاء بمساعدة لطالما أبلغنا بوجوب تأمين جملة من الإصلاحات الشفافة لها، حتى إذا ما وافق حزب الله على مسيرة الحكومة باتجاه ضمن إطار شروطه المعهدوة، تبين من جملة الأحوال المستجدة وحصيلتها، أن ذلك مجرد كلام، وأن ما تخبئه الحلول المطروحة، فيها مساس غاية في الإيذاء يتناول ودائع المواطنين المحليين والمغتربين وبعضا من الإخوة العرب، وهي لو تحققت، ستزيد كميات النهب والسرقة ومخالفة الدستور والقوانين المالية وهي وضع مرفوض تماما وفقا لما لمواقف مجمل المواطنين وغالبية السياسيين لما لها من آثار سلبية، آنية من خلال ردود فعل المودعين صغارهم والكبار، ومن خلال الثقة التي سيزيلها مثل هذا القرار «لو اتخذ» لدى القريب والبعيد، وسيكون لها أثرها القانوني على مجمل ما تبقى من ركائز الإقتصاد اللبناني المتعثر.

 

وبعد… كثر السماع إلى قعقعة الخلافات الناشئة ما بين أركان العهد وأهل الحكم، وكثر التخوف من مجمل التوقعات التي ستنتج عن هذه الخلافات بما فيها تخّوفٌ من تطيير الحكومة، بعد أن باتت مسيرتها أمام جملة من المطبات والروادع، ومع أن كثيرين يؤكدون أنه ليس في مصلحة أركان العهد في الظروف الصعبة القائمة، تطيير حكومة المستشارين الذين غالبا ما باتوا يشيرون على أنفسهم وعلى الدولة وعلى المجتمع الدولي والعربي بجملة من الحلول المرفوضة سلفا من الجهات الإقتصادية المعنية والمانحة المقرضة وربما افتعلت بعض الحلول الشكلية لجملة من القنابل المتفجرة كقضية سلعاتا التي يمكن منذ الآن الحديث عن صدور قرار لاحق بالإبقاء عليها مع إرجاءٍ ما لتنفيذها في وقت لاحق، أما قضية التهريب الحدودي وفضائحه في الشكل وفي الاساس، فإن الحزب قد أوجد لها حلاًّ من خلال تصحيح أوضاع العلاقات مع الجارة سوريا، وهذا اقتراح لجملة من الحلول السحرية التي رؤي أن من شأنها أن تحل كل ما هو غير قابل للحل، بما فيه الأوضاع الإقتصادية التي من شأن أوضاعها السيئة في كل من لبنان وسوريا أن تتراكم كتفا على كتف، بما يغنينا عن عون المجتمعين الدولي والعربي ويبقى لبنان تائها بين أجواء الحلول المستحيلة.