IMLebanon

وطن أبطاله في القبور وناهبوه في القصور

 

للأسف الشديد كل يوم يمر تتراكم الخسائر الى حد وصلنا فيه الى الحضيض… والمصيبة الأعظم انّ ما يمنع تشكيل حكومة هو تصريح الرجل الذي يهدد انّ وقت السماح انتهى وأنه إذا لم يُنفذ ما يفرضه فلا حكومة لا خلال شهر ولا خلال سنة ولا حتى ألف سنة وحتى يوم القيامة! هذا الكلام يصدر عن قائد المقاومة وهو في الوقت ذاته ممثل ولاية الفقيه في لبنان! وهذا الكلام خطير وليس مقبولاً..

 

أمام هذا التحدّي جاء رجل عاقل يقول إننا نريد أن نجتمع مع الرئيس المكلف سعد الحريري، وبالحوار يمكن أن نصل الى اتفاق… بمعنى أدق إمّا ان نجعله يوافق على رأينا وإما نحن نقتنع منه ونمشي كما يرغب، ولكن بالحوار!

 

أمام هذين الموقفين التصعيدي والمسؤول تكمن المصيبة وهي أنّ صاحب الرأي القائل بالحوار في الحلف ذاته.

 

من ناحية ثانية، ألقت الوزيرة السيدة ليلى الصلح حمادة خلال رعايتها عملاً خيرياً في الجنوب كلمة مهمة جداً تعبر عن صرخة من قلب مواطن مسؤول ولكنه شريف حين قالت: وطن أبطاله في القبور… وهنا تعني رجالات الاستقلال يوم كان هناك رجال… أمّا معظم زعماء اليوم فتغلب عليهم صفة الفجور والفساد في القصور.

 

هذه الصرخة من سيدة محترمة متألمة للأوضاع الاجتماعية في لبنان خصوصاً أنها أصبحت من أكثر الشخصيات علماً بالأوضاع الاجتماعية الصعبة وحالات الفقر الشديد، إذ تفيد الإحصاءات أنّ 40% من الشعب اللبناني أصبحوا تحت خط الفقر، وهذا يحدث لأوّل مرة في تاريخ لبنان الحديث. والمصيبة الكبرى أنه أمام صرخة أوجاع الفقراء يأتي من يتحدث بإسمهم ليقول إنّه لا يهمّه تأليف حكومة ولو تأخرت سنة أو ألف سنة أو الى يوم القيامة.

 

******

 

 

البارحة كان هناك مؤتمر حول مكافحة الارهاب، وطبعاً كان الصديق الوزير نهاد المشنوق ممثلاً لراعي المؤتمر فخامة الرئيس العماد ميشال عون.. وبالمناسبة فإنّ رسالة الصحافة تطغى على عقل وقلب زميلنا العزيز الذي استهل كلمته بما قاله رئيس الجمهورية عن قصة سليمان الحكيم والسيّدتين اللتين ادعت كل منهما أنها أم الولد، فقال لهما سليمان إنّه سوف يقسم الولد الى قسمين ويعطي كلاً منهما قسماً… الأم الأصلية أو الحقيقية رفضت وقالت أعطه لها… والحكمة والعبرة من القصة رسالة من الرئيس الى جميع المعرقلين وحثهم على ضرورة ان أولوية مصلحة الوطن فوق كل المصالح… وقد وصفه الوزير المشنوق بأنه واحد من الرجالات القادرين على الوقوف بعد الكبوة، علماً أنّ الرئيس بشّر اللبنانيين بقرب ولادة الحكومة في وقت غلب التشاؤم على التفاؤل بتشكيلها، وذكّر بالأيام الصعبة التي واجه فيها الشعب اللبناني مع قوات الأمن من جيش وقوى أمن وأجهزة وفرع المعلومات وكان لبنان الدولة العربية الوحيدة التي استطاعت دحر الارهاب بكفاءة عالية.

 

ولم يفت الوزير الصديق أنْ يعرّج على مسألة كارلوس غصن التي يناقشها كل اللبنانيين، وكل عواصم العالم، وهو مغترب له قصة نجاح خيالية، ربما هو الثاني من الأكثر تأثيراً في تاريخ صناعة السيارات، وهو الثاني في التاريخ بعد هنري فورد…

 

أنا لست راغباً في الحديث عن المسألة القضائية التي أتركها للقضاء، لكن لا يمكن إلا ان نوجه تحية تضامن في حق هذا اللبناني الذي شكل أسطورة في إنقاذ الشركات العملاقة الفاشلة وهو نموذج إغترابي نفتخر به ونعتز بمسيرته وإنجازاته، وأقول له في محنته: «إنّ طائر الفينيق اللبناني لن تحرقه شمس اليابان».

 

وكانت لافتة كلمة اللواء عباس إبراهيم التي بدا فيها اهتمامه بأفريقيا وأهميتها بالنسبة لنا نحن اللبنانيين حيث يقيم ويعمل 400 ألف لبناني وقد جنوا الثروات الكبيرة، واليوم الأوضاع الأمنية في تلك القارة دقيقة، لذلك فإنّ حماية اللبنانيين الذين يعملون في أفريقيا أصبحت قضية مهمة بالنسبة إليهم وإلى ذويهم في لبنان.

 

وختم كلمته بوضع مشروع كامل ومتكامل من نقط عدة لمحاربة الارهاب وشروط الإلتزام بها للحد من هذه الظاهرة البشعة.

 

عوني الكعكي