إذا كان “تلتين المزح جد” كما يقول المثل الشعبي، فإنّ تسريبة مستشفى الجامعة الاميركية عن نيته احتساب الدولار بـ 3950 ليرة تحمل الكثير من الجدية. وهذا ما لم ينفه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الذي أكد ان “المستشفيات أصبحت عاجزة عن تأمين استمراريتها”. فرفع الدعم عن المستلزمات الطبية بدأ يتحول إلى أمرٍ واقع. وأول الغيث كان استثناء المعقّمات، التي تستخدمها المستشفيات بكثرة في زمن كورونا، من لائحة المواد المدعومة. ومع التأخر بفتح الاعتمادات واضطرار المستشفيات إلى دفع فرق الدولار أو شرائه من السوق السوداء لتأمين المستلزمات الطبية وأدوات الصيانة والمواد الغذائية والامور اللوجستية، فان قدراتها باتت تتراجع بسرعة كبيرة.
وبحسب مدير أحد المستشفيات فإن “تسعيرة غرفة المريض محددة في التعرفة لدى الجهات الضامنة بـ 60 الف ليرة لبنانية، أي ما يعادل اليوم 7 دولارات أميركية. فهل بهذه التعرفة تستطيع المستشفيات الاستمرار؟ّ!”، الخطوة المنوي اتخاذها من “الجامعة” دقت ناقوس الخطر، خصوصاً مع التوقع بانها لن تكون سوى البداية ولن تتأخر بقية المستشفيات في اللحاق بها. فامتلأت فضاءات العالم الافتراضي بالتحليلات والتكهنات واضطر الاتحاد العمالي العام إلى التدخل سريعاً معبراً بلسان رئيسه عن ان “هذه الخطوة ستؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية بصورة شاملة”. من جهته لا يزال وزير الصحة يؤكد “أنه طالما الدولار الرسمي محدّد من مصرف لبنان والدعم مستمر، فإنّ زيادة التعرفة من قبل المستشفيات ورفع سعر الدواء أمران غير مطروحين”.
كلٌ قال كلمته امس خلال اليوم الاستشفائي “الماراتوني” الطويل، ومشى. لكن ما ظل مجهولاً هو الحل. فانهيار المنظومة الاستشفائية واقع لا محال في حال خرجت المستشفيات عن العمل بعد عجزها عن تأمين متطلباتها. والمواطنون سيعجزون عن تأمين الدواء والاستشفاء في جميع الاحوال في ظل عرقلة كل الحلول ومنع الاصلاحات، وتأخير وصول مساعدات صندوق النقد الدولي. “فمن هذه النقاط يجب ان تكون البداية”، يقول أحد الخبراء. “لا بمهاجمة المستشفيات او الصيدليات بخطاب خشبي لا يفيد الا بالتبرير لسلطة ما زالت تمعن في الهدر والفساد رغم كل التحديات”. المطلوب اليوم برأيه “العمل على إرجاع لبنان إلى حضن الدولة، والمباشرة بالاصلاحات وتفعيل المساعدات الدولية. ومن دون هذه النقاط فان الانهيار لن يبقى واقفاً عند أبواب المستشفيات بل سيتمدد ليطال كل قطاعات البلد”.