لم تحمل بيانات التّنديد والاستنكار والشّجب التي ازدحمت بها ساعات الأمس ردّاً على الرّسالة القاسية والشّديدة الخطورة التي ضربت العمق الإماراتي إجابة واضحة حول هويّة المسيّرات، هل هي مجرّد رسالة حوثيّة علينا أن نقتنع بمحليّتها كأن استيقظ عبد الملك الحوثي صباح أمس واتّخذ قراراً بتوجيه قصف موجعٍ ودموي لعاصمة الإمارات، أم أنّ هذا القصف أبعد بكثير من الحوثي ومسيّراته واستراتيجيّة أجندته الإيرانيّة؟! الأيّام المقبلة كفيلة بتوضيح الرّسالة.
بالتّأكيد الحلّ لحالة التّهديد التي يعيشها الخليج العربي منذ قرّرت إيران زعزعة أمنه بمرتزقتها الذين تتغيّر هويّتهم من دولة إلى أخرى، وهم دائماً شيعة من أبناء هذه الدّول ولكنّهم عملاء لإيران، الحلّ بالتّأكيد ليس على طريقة ما نقل بالأمس عن مصدر مقرّب من حكومة أبوظبي بأنّ “الإمارات ستطلب من واشنطن إدراج الحوثيّين في قائمة الإرهاب”، وبالتّأكيد ليس الحلّ بـ”وقوف المجتمع الدوليّ صفّاً واحداً في مواجهة هذا العمل الإرهابي”، ولا كما خاطب أمين عام مجلس التّعاون وزير خارجيّة الاتّحاد الأوروبي بـ”أهميّة التوصّل لاتّفاق يضمن أمن المنطقة”، المشكلة أعمق بكثير من ذلك، المشكلة في أنّ العرب في دول مجلس التّعاون الخليجي تحديداً يستضعفون أنفسهم ويضعون أنفسهم موضع المحتاج إلى دول العام لتدافع عنه، لذا تستضعفهم ميليشيات إيران وخلاياها المعلومة والمجهولة المزروعة في المنطقة!
في 12 تشرين الأول من العام 2009 حذّرنا مراراً من خطورة الوجود الإيراني في “العبّ” اليمني على المملكة العربيّة السعودية، وحذّرنا من مخطط “التوسّع الشيعي” الإيراني في المنطقة، وعليه نحيل القارئ إلى المقالة التي حملت عنوان “المشروع الإيراني” الذي حذّرنا فيه من هذا المشروع فكتبنا: “وحتّى نفهم خطورة ما يحدث، علينا الدّخول إلى خطورة “المشروع الإيراني” المعلن عبر الفضائيات، مستعينين بلسان أصحابه والمنظّرين له، وبالتّأكيد ما قرأناه صادم إلا أن شواهد التّاريخ تتيح لنا أن نفهم المحاولات الفارسيّة المتكرّرة.
ففي مناظرة تلفزيونيّة انعقدت عام 2008 على فضائيّة “المستقلّة” التي تبثّ من لندن، أعلن المرجع الشيعي “علي الكوراني العاملي ـ أستاذ الحوزة العلميّة ـ قمّ” بأنّ “الحوثيّين سيكونون الطّوق الذي تسعى إيران من خلاله إلى الامتداد والسّيطرة على كلّ المنطقة العربية”.. وبعد هل هناك من يريد أن يفهم حقيقة القصف الحوثيّ للعاصمة الإماراتيّة أبو ظبي بالمسيّرات أو الصّواريخ البالستيّة والمسيّرات التي تستهدف المدن السعوديّة، وهل من أحد يطرح السّؤال: ماذا لو استهدف الحوثيّون الإمارات بالصّواريخ الباليستيّة الإيرانيّة، وهل هو كافٍ أن يتمّ تصنيف الحوثيّين كتنظيم إرهابي؟!
ونعود إلى كلام المرجع الشيعي علي الكوراني ـ وهو للمناسبة رجل دين من شيعة لبنان وهو صاحب التّنظير لفكرة ظهور المهدي، وما يحدث في دول العالم العربي يكاد يطابق حرفيّة ما ذكره في كتابه عصر الظهورـ في تصريحه المتلفز والموجود على مواقع الكترونيّة متعدّدة “سُنيّة” و”شيعيّة” بالصّوت والصّورة، يقول الكوراني: “إنّ الحوزة الشيعيّة في “قم” و”النّجف”، تسعى للسّيطرة على كل منطقة الحجاز، والشّام، واليمن، والعراق، وأنّ هدف المرجعيّة هو “رئاسة العالم الإسلامي كلّه”، وأنّ تمدّد الشّيعة ليس له حدود”، وأنّهم يسعون إلى التمدّد على كل الآفاق”، أليس هذا ما يرزح تحت عبئه العالم العربيّ كلّه؟!