ليست دقيقة الآراء التي كانت تعتبر خلال الحروب الحوثيّة الستة في صعدة اليمنيّة، أنّ الحوثييّن بقيادة عبدالله الحوثي يعتبرون أنفسهم «ثواراً ملكيين» ويحاولون اعادة الإمامة الزيدية التي أسقطها انقلاب 26 أيلول 1962، فالمؤسس للحركة حسين بدر الدين الحوثي، وزع بنفسه كتاب عصر الظهور على اتباعه، وأعتقد البعض ان حسين بدر الدين الحوثي ظن نفسه هو المعني بتلك الروايات فتحرك على هذا الأساس وبناء على ذلك الطموح من اجل ان يكون هو اليماني ومن اجل ان يحظى بشرف مبايعة الامام المهدي المنتظر وتلقي التوجيهات المباشرة منه!
«الظهور» و»المهدي المنتظر» عُقدة مركزيّة في تاريخ الشيعة، وهي عقيدة حُبّرت فيها ملايين الصفحات والكتب تناولت الغيْبتيْن الصغرى والكبرى في العقيدة الشيعيّة، وقد أحسنت إيران استغلال فكرة الظهور منذ مجيء الخميني الذي قرّر أن يحكم إيران سياسياً وعسكرياً بصفته نائب المهدي المنتظر، وأن يوزّع وكلاءه في الدول المستهدفة بزعزعة إستقرارها، بصفتهم وكلاء نائب المهدي الذي يُعدّ الردّ عليه ردّ على الله ورسوله!
ليس سرّاً أن كتاب عصر الظهور للشيخ علي الكوراني تفشّى تداوله في بيئة حزب الله الحاضنة بعد حرب تموز العام 2006، وليس سرّاً أن إيران تشعل الحروب في المنطقة تحت عنوان التعجيل بظهور المهدي، ونظرة على ما نشره موقع «فارهنك نيوز» الذي اعتبر «مقتل 100 ألف سوري في دمشق تمهيدا لظهور الإمام المهدي»، ووصفه الثورة السورية بالانقلاب من قبل أعداء المهدي المنتظر على بشار الأسد، حاكم سوريا، وفقاً للروايات الشيعية، وقال: «في العام الذي يظهر فيه الإمام المهدي يخرج الانقلابيون من ريف مدينة درعا في جنوب سوريا بقيادة السفياني ضد حاكم دمشق، وبعد الانقلاب سيدخل أصحاب الرايات الصفر (حزب الله) إلى سوريا ويغيرون من معادلة الحرب القائمة فيها»، من المؤسف أن العالم لم يفهم حتى اللحظة أنّه يواجه دولة تستغل الدين في الحرب، وأنهم يستخدمون معها السياسة والمفاوضات!
في أحد المؤلفات التي تتناول الدور الحوثي، ذكر أنه في الحرب الأولى بين الدولة اليمنية والحوثيين، عثر على وثيقة مبايعة مع أحد عنصر حوثي ألقي القبض عليه واسمه فارس مسفر سالم، من أهالي ساقين بصعدة، وتحتوي تلك الوثيقة على نص المبايعة لحسين بدرالدين الحوثي باعتباره امام زمانه وحجة الله على الناس وانه المهدي المنتظر، وفي نصّ الوثيقة: «أُشهد الله على أن سيدي حسين بدرالدين هو حجة الله في أرضه في هذا الزمان، وأُشهد الله على أن أبايعه على السمع والطاعة والتسليم، وأنا مقر بولايته وإني سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وهو المهدي المنتظر القائم الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، أبان لنا طريق النجاة، وأوضح كتاب الله على أوضح بيان، فنسأل الله أن يحشرنا في زمرته»!
بهذه العقيدة يخوض الحوثيون حروبهم المتتالية، والتي تركت لتتفاقم حتى طالت المملكة العربيّة السعوديّة، هذه الحرب إن استمرت على نفس المنوال ستصبح مستنقعاً خطيراً يُغرق الجميع، تاريخ اليمن حافل بالصراع والحرب بين يمنيْن، ونتائجه لا تحسم لشمالي أو جنوبي، إنما هذه الحرب مختلفة جداً إذ لا مقاتلين على الأرض يحسمونها ضدّ الحوثيين، وحرب القصف الجوي لا تحسم حرباً هي فقط تدمّر لا أكثر ولا أقل، وتتسبب بتكاليف باهظة وتنتفع منها دول تتاجر ببيع السلاح والصواريخ، فيما هي لا تكلّف إيران قتلى ولا خسائر، الحرب مع إيران لن تنتهي بالضرب على أحد أذنابها، آن للعرب ولدول الخليج تحديداً أن تفهم أن استراتيجيتها في مواجهة منذ العام 1980 باءت بالفشل الذريع، وعليهم أن يفكّروا ببديل يكفّ يدها عن المنطقة وفي أقرب وقت ممكن.
في آذار العام 2015، ختم أحد الصحافيين العراقيين الشيعة الموالين لإيران مقالة عن دور اليمن في عصر الظهور معتبراً أنّ «سيطرة الحوثيين على معظم اليمن خير ممهد لظهور الراية الموعودة لليماني وإن كره الكافرون»، أيها العرب أقرأوا كتاب عصر الظهور، وفكّروا بعد ماذا أنتم فاعلون لحماية الدول التي يتحدث الكتاب عن دورها في التمهيد لظهور المهدي!