IMLebanon

العصافير “تنفد بريشها” هذا الموسم

 

“ما في صيد هذا الموسم”. جملة تعبر عن واقع حال الصيادين في لبنان هذه السنة، فالأسعار حارقة كنار “جهنم” التي نعيشها. علب الخرطوش تضاعف سعرها 5 مرات عن العام الماضي، أمّا العتاد والمستلزمات فيفوق سعرها الراتب الشهري لغالبية الشباب. وليس هذا فحسب، فالبعض عمد الى بيع بنادقه وخراطيشه بأسعار “محروقة”، لتأمين لقمة عيش أولاده.

 

 

فشل موسم الصيد هذه السنة قبل أن يبدأ حتّى، لأسباب متنوعة تتمثل بارتفاع أسعار الخرطوش التي تتحرك صعوداً مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وتراجع القدرة الشرائية. ناهيك عن فيروس كوفيد- 19، الذي أشار إليه تعميم وزارة البيئة لافتتاح موسم الصيد البري الحالي الممتد من 22/9/2020 ولغاية 15/2/2021، حيث شدد على ضرورة الالتزام بقرارات التعبئة العامة التي تصدر بموجب مراسيم عن مجلس الوزراء، والالتزام بتعليمات وزارة الصحة العامة المتعلقة بالاجراءات الوقائية للحد من انتشار وباء كورونا. وهذه النقطة بالذات تطرح علامة استفهام حول كيفية مراقبة الالتزام بهذه الارشادات، اذ أنّ الدولة غائبة أصلاً عن محاسبة المخلّين بقوانين الصيد ولا سيما الجزارين الذين يبيدون كل أنواع الطيور، فهل سيتحرك المعنيون حقاً للتأكد من الالتزام بالارشادات الوقائية للحد من انتشار كورونا؟ كذلك، أعلنت الوزارة عن بدء تلقيها طلبات رخص الصيد البري عبر جميع مراكز “ليبان بوست”، ما أثار امتعاض الصيادين المرخصين الذين طالبوا بالسماح لهم باستعمال رخص العام الماضي، وغير المرخصين الذين اعتبروا طلب الوزارة مجحفاً في حقهم في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب… وقد لا تكون حجة غير المرخصين مقنعة، لان غالبية هؤلاء، لم يفكروا حتّى بالحصول على رخصة عندما كان الوضع الاقتصادي مستقراً!

 

الأسعار نار!

 

“مشوار الصيد صار بيكلّف كتير”، جملة واحدة يعبر فيها غالبية الصيادين عن واقع حالهم في خلال هذا الموسم. وفي جولة سريعة على محلات بيع مستلزمات الصيد، تبين لنا أنّ تعبيرهم هذا حقيقي. بشكل عام، الأسعار لم تتغير على الدولار، كما هي حال كل السلع. ولكن المشكلة بقيمة صرف الدولار في السوق السوداء. نبدأ بصندوق الخرطوش (يحتوي على 10 علب) الذي كان سعره يتراوح بين الـ90 الفاً و105 آلاف ليرة لبنانية في العام الماضي بحسب نوعه أي ما كان يعادل 60 و70$. أمّا السنة، فأصبح سعره نحو 500 ألف ليرة لبنانية أو أكثر بحسب سعر الصرف اليومي في السوق السوداء. وفي هذا الصدد، قرر أحد الباعة في الشمال، القيام بالعروضات على الخرطوش لبيع الصيادين، حيث يمكن الحصول على صندوق خرطوش بـ 45$ فقط لا غير، شرط الدفع بالعملة الخضراء حصراً. ويقول صاحب أحد المحلات: “في السابق، نادراً ما كان يشتري الصيادون علبة أو علبتين من الخرطوش، ولكن اليوم “اذا بيصرلن يشتروا خرطوشة خرطوشة ما بيقولوا لأ”. ننتقل الى لبوس الصيد. كان من الممكن الحصول على “بدلة” متوسطة الجودة بـ300 الف ليرة، أمّا اليوم فيتخطّى سعرها المليوني ليرة لبنانية. أمّا بالنسبة للعتاد، فالجعبة التي كانت تكلف الصياد 50 الف ليرة تباع اليوم بـ400 الف ليرة لبنانية. ومن كان يمني النفس بتعلم الصيد هذه السنة والحصول على بندقية جديدة، فالاجدر به نسيان هذه الفكرة من الاساس لانّ البندقية “التركية” التي كان سعرها نحو 700 ألف ليرة لبنانية، يفوق سعرها اليوم الثلاثة ملايين، ناهيك عن البندقية “المرتبة” كما يصفها صاحب احد المحلات قاصداً “الباريتا” والـ”بينيلي” فيفوق سعرها الـ 10 ملايين ليرة لبنانية. وليت الأمر يتوقف على المفاضلة بين بندقيتي صيد جديدتين، ففي خلال وجودنا في المحل دخل شاب تعطلت “إبرة” بندقيته، فاستفسر عن تكلفة تصليحها، فقال له صاحب المحل: “160 الف ليرة”. امتعض الشاب من السعر، وكأنه لم يصدق ما سمعه، فردد: “إبرة إبرة بـ 160 ألف؟ شو عم تحكي يا زلمي”. فأجاب صاحب المحل بعصبية “يا خيي، طيب جبلي 20$”. فغادر الشاب مع بندقيته، مع باقة منوّعة من السباب”.

 

دفع الوضع الاقتصادي الصعب بعض الصيادين الى بيع بنادقهم ومخزون الخرطوش. هكذا حصل ماريو على بندقية مستعملة من شخص “محروق ع مصاري” بـ 300 الف ليرة لبنانية، وعلى 12 علبة خرطوش بـ 360 ألف ليرة لبنانية. وفي الحديث عن الخرطوش، لطالما عمل رامي على تصنيعها بنفسه، فكان “يدكّ” الخرطوش في منزله، بعد شرائه للبارود والكبسون والفلين، فيوفر 5000 ليرة لبنانية في الصندوق. يشير رامي الى أنّ “الهدف من هذه العملية ليس التوفير، بل رغبتي في تعيير خرطوشي كما أشتهي. الّا أنّ هذه الطريقة لم تعد تجدي نفعاً هذه السنة، لانّ البضاعة التي تلزمني مفقودة من السوق، واذا وجدتها فعلى سعر الدولار”.

 

الصيد… هواية ترف؟

 

تنطبق مقولة “مصائب قوم، عند قوم فوائد”، على موسم الصيد هذه السنة، فبينما يتذمر البعض من الاسعار الجنونية لرحلة الصيد، يرى الصيادون المحترفون، كما يحلو لهم التعريف عن أنفسهم، أنّ الوضع يناسبهم جدّاً. فبحسب الصياد ربيع “تعتبر هواية الصيد من الكماليات، ولن يسمح الوضع الاقتصادي الصعب لجميع الهواة في ممارسة هوايتهم هذا الموسم، ما يعني تراجع عدد الصيادين، وفتح المجال امام المحترفين لممارسة الهواية على راحتهم، وخصوصاً أنهم يتميزون بتمسكهم بأخلاقيات الصيد، والمحافظة على القانون”. أمّا كارل فرأى أنّ “عدد الصيادين قد يزداد هذه السنة، فالصياد الذي لم يسافر للاستجمام بسبب كورونا، سيصرف المال على هوايته”.

 

وبين الصياد المحترف و”المرتاح على وضعو”، ما هو وضع الشرائح الاخرى من الصيادين الذين يعتبرون الصيد متنفساً لهم؟ يفنّد غدي كلفة مشوارالصيد لهذا الموسم. هو كان يقوم بأكثر من 40 مشواراً في الموسم الواحد، أمّا هذه السنة فاذا تمكن من القيام بمشواري صيد فيكون “بطلاً” على حد قوله. يشرح غدي: “300 الف ليرة لبنانية كانت تكفي ثمن الوقود والخرطوش والأكل في كل “مشوار صيد”، أمّا اليوم فأنا بحاجة الى أكثر من مليوني ليرة لبنانية للغاية نفسها، وبكل صراحة أفضّل أن اصرف هذا المبلغ على حاجات عائلتي”. أمّا ايلي، فيروي بحزن قائلاً “لم تعد رحلة الصيد ممتعة بالنسبة إلي، فانا غير قادر على شراء صناديق الخرطوش كالعادة. ففي الاسبوع الماضي، اشتريت علبة واحدة من الخرطوش بقيمة 50 الف ليرة لبنانية. العلبة تحتوي على 25 “خرطوشة”، وبالتالي لم يدم مشواري أكثر من ساعة قبل أن أغادر”.

 

10 آلاف ليرة ثمن العصفور؟

 

واذا كان غلاء الخرطوش ومستلزمات الصيد بلغت حداً يفوق قدرات معظم الصيادين فعلى أي سعر سيستقر العصفور؟ يجيبنا أحد الباعة: “في السنوات السابقة كان سعر العصفور دولاراً واحداً تقريباً، أمّا اليوم فلن يقل ثمن تسليم العصفور الى السوبرماركات والمطاعم عن 2500 الى 3500 ليرة لبنانية. وهذا السعر الجديد، لن يؤثر على البيع، لأنّ الغلاء شمل كل المأكولات والسلع، وبالتالي لن يتردد محبو العصافير في شرائها وتناولها حتّى لو وصل سعر العصفور الواحد الى الـ 10 آلاف ليرة لبنانية”.

 

بعدما اعلنت وزارة البيئة افتتاح موسم الصيد البري لعام 2020 -2021، والبدء في تلقي طلبات رخص الصيد البري، طالب رئيس مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام- مدير ملف الصيد المسؤول في جمعية حماية الطبيعة في لبنان أدونيس الخطيب، في كتاب مفتوح الى وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال دميانوس قطار، «بالسماح للصيادين في ممارسة الصيد ضمن الموسم برخص الموسم السابق لعدم استفادة الصياد منها بسبب ثورة 17 تشرين وأزمة كورونا، والظروف الإقتصادية الحالية القاهرة».

 

 

 

 

ثمن العصفور ارتفع ايضاً

 

وكانت الوزارة قد ذكرت بضرورة الالتزام بقوانين وانظمة الصيد البري لا سيما لجهة عدم التعرض للطيور الجارحة، والطيور والحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض، وعدم الصيد خارج موسم الصيد القانوني، وعدم الصيد من دون حيازة الصياد على رخصة الصيد أو القسيمة الصادرة من «ليبان بوست» ريثما تصدر الرخصة، والالتزام فقط بصيد أنواع الطرائد المسموح بها واعدادها المشار اليها في الجدول ادناه والمذكورة على الرخصة، وعدم الصيد بواسطة وسائل الصيد الممنوعة خصوصاً الدبق والشباك والآلات الكهربائية التي تصدر اصواتاً شبيهة بأصوات الطيور وعدم الصيد في خلال ساعات الليل، وذلك للمحافظة على انواع الطيور والحيوانات التي اصبحت آيلة للانقراض واحتراماً لالتزامات لبنان تجاه الاتفاقيات الدولية المصدّقة من قبله. مع الاشارة الى ان القوى الامنية ستفعّل مراقبة حسن تطبيق انظمة الصيد البري وقمع المخالفات، خلال الموسم وخارجه.

 

أنواع الطيور والحيوانات المسموح بصيدها خلال موسم الصيد البري، وكمياتها خلال رحلة الصيد الواحدة:

 

نوع الطير كمية الطرائد المسموح بصيدها المطوق50السمن20الفري20الصلنج25ديك الغاب/دجاج الارض5البط الخضاري والحذف الشتوي والصيفي (الفرفور)5كيخن10حمام بري/دلم5 نوع الحيوان كمية الطرائد المسموح بصيدها الخنزير البري غير محدد الارنب البري 5