Site icon IMLebanon

أفكار محمد بن راشد  خريطة طريق للقمة العربية

صدر كتاب تأملات في السعادة والايجابية للشيخ محمد بن راشد في وقت قريب من موعد انعقاد القمة العربية الثامنة والعشرين في الأردن. اذا كان هذا التوقيت هو مجرد صدفة، فهي صدفة حسنة، واذا كانت صدفة مقصودة فهي أحسن وأحسن. الرؤى المطروحة في هذا الكتاب ليست فلسفة معقدة، لأنها نابعة من الواقع المعيوش، وتتعاطى معه بواقعية وبطريقة عملية، مترفعة عن الانزلاق الى الغيبيات والماورائيات، وما تجر اليه لدى الجهلاء من انحراف وتطرّف وعبث. ولعل الأفكار الواردة في هذا الكتاب تحمل في طيّاتها خريطة لخروج العرب والمسلمين من عصف المحنة التي يغرقون فيها اليوم ومنذ زمن، نتيجة تراكم العشى السياسي وآثار الفكر الظلامي.

ذهب لبنان الى هذه القمة مهجوسا بوقائع كثيرة، ولكنه تسلح لمواجهتها بحجج ميثاقية عديدة بينها المادة الثامنة من ميثاق الجامعة العربية وهذا نصها: تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة، نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي الى تغيير ذلك النظام فيها. ولو التزمت الدول العربية بنص هذه المادة ومضمونها لما وصل العرب الى ما وصلوا اليه اليوم. غير ان الواقع اللبناني ليس هو المشكلة الأعظم التي يواجهها العرب لا داخل القمة ولا خارجها. كما انها ليست مشكلة نظام عربي بعينه، وانما هي أزمة أمة بكاملها…

يقول الشيخ محمد بن راشد في كتابه: أخطر الحروب هي تلك التي تدمّر الانسان، بمعنى ان تدمير العمران ممكن تداركه من خلال اعادة البناء. والحروب اليوم في سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال وغيرها، تدمّر الانسان داخل هذه الدول، وخارجها على مستوى الأمة. ووصل العرب الى هذه الهاوية نتيجة فكر سياسي مبني على السلبية… فالحاكم – البعض ولا نعمّم – يحكم مستندا الى فكر يقول ان مهمة الشعب اسعاد الحاكم! الفكر الايجابي الذي يتحدث عنه الشيخ محمد بن راشد يقول ان مهمة الحاكم اسعاد الشعب… اسعاد الحاكم يمزّق الشعب، واسعاد الشعب يكفل وحدة الشعب والحكم، ويسعدهما معا…

وصل العرب الى محنتهم اليوم بسبب تركيز السياسات العربية على ما يفرّق بين الدول والشعوب، وعلى التركيز كذلك على الأشخاص والطوائف والأديان والمذاهب. وكان من الطبيعي أن تعمّ الكراهية والأحقاد. ويقترن ذلك بالتنابذ والاقتتال. والاستعانة بكل الشياطين غير العربية والتحالف مع التكفيري المتوحش للقضاء على الشقيق الآخر العربي… ويقول الشيخ محمد بن راشد في كتابه: السياسة الايجابية هي التركيز على ما يجمع، مع التركيز على الأفكار والمصالح. ويضيف: أسوأ ما نفعله هو الانتظار… وما يعنيه هو انتظار الآخرين لتلقي ما يقررونه من مصير لنا كعرب!

الانتقال من السياسة السلبية الى السياسة الايجابية يحتاج أولا الى اقتناع الحاكم، فاذا اقتنع فانه يحتاج بعد ذلك الى الوقت. ولعل القمة العربية التالية التاسعة والعشرين تعقد تحت عنوان مستوحى من كتاب الشيخ محمد بن راشد وهو: قمة إسعاد الانسان العربي واعادة توحيد الأمة!