IMLebanon

هوية المرحلة المقبلة إيرانياً وسعودياً تحدّد هوية الرئيـس

تغيب رئاسة الجمهورية عن المفكرة الدولية، ويكاد ذكرها يتراجع محلياً حتى في الحوارات الداخلية. ومن يربطها بالاتفاق الايراني ـــ الاميركي، وبوضوح الاستراتيجية السعودية الجديدة، فهو لا يرى ان لها حظاً قبل تموز المقبل

منذ بداية السنة الجارية، يتصدّر عنوان أساسي «الاجندة» الدولية: الحوار الايراني مع الدول الخمس زائداً واحداً، وفي صورة أكثر وضوحاً الحوار الاميركي ــــ الايراني. ويكتسب هذا الحدث كل اسبوع، منذ ان اعلن الاتفاق الاولي في تشرين الثاني عام 2014، مزيداً من الاهتمام عند تقاطعه مع اي تطور اقليمي او دولي، كما حصل مع القصف الاسرائيلي لمجموعة من حزب الله تضم جنرالاً ايرانياً في الجولان، والرد المضبوط الايقاع في شبعا.

ويزداد رصد تداعياته، ايضاً، مع الكشف عن اي خطوة ديبلوماسية بين البلدين، كما هي الحال مع الاعلان عن اللقاء الجديد بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف، السبت المقبل في ميونيخ. وبرغم ما اثاره الود بين الرجلين من امتعاض في صفوف المتشددين الايرانيين، واستمرار محاولات الجمهوريين في واشنطن لفرض عقوبات جديدة على ايران، فان المستوى الذي وصلت اليه العلاقة بين البلدين بدأ يفرض نفسه من اسرائيل الى السعودية والدول المؤهلة لأن تشهد ارتدادات هذا الحوار، كسوريا والعراق ولبنان.

في لبنان، لا يزال ملف رئاسة الجمهورية اول عنوان اساسي لانعكاس هذا الحوار وآفاقه. واذا كانت مهلة آذار التي حددت للتوصل الى ما سمته بعض الدوائر الغربية اتفاقاً سياسياً، وبعضها الآخر اطاراً سياسياً بين ايران والدول المعنية في الملف النووي، اصبحت على الابواب، فانه لا تطورات عملية طرأت على ملف رئاسة الجمهورية، حتى يمكن القول انها باتت على النار، وان لبنان سيشهد انتخاب رئيس جديد تزامنا مع هذا الاتفاق التمهيدي في آذار المقبل.

المرشحون الجديون سيكونون على تقاطع مع المشهد الإقليمي الجديد

لا بل ان من يطلع على الحركة الديبلوماسية الفاعلة خارج لبنان، يدرك تماماً ان ملف الاستحقاق الرئاسي مغيّب حتى الساعة عن اي حوار على مستوى دولي. فالاولوية الحالية، اذا ما فتح ملف لبنان في الحوارات الثنائية او الموسعة، لا تزال محصورة بالوضع الامني على مستويين: الاول تطويق خطر التنظيمات الاصولية، ومنع تحويل لبنان بكل مناطقه ساحة جهاد وحرب، ومنع اندلاع حرب بين اسرائيل وحزب الله، ولا سيما بعد التطورين الاخيرين في الجولان وشبعا، من دون ان يعني ذلك ان الجهود التي تبذل كافية لمنع الخطرين، نظراً الى تشابك هذين الخطرين مع تقاطعات دول اقليمية لها حساباتها الخاصة.

ما عدا ذلك، لا يحتل لبنان، ولا رئاسة الجمهورية فيه، صدارة الحدث مع انشغال المفكرة الدولية السياسية والاعلامية بشؤون اخرى، كأوكرانيا واسعار النفط واليونان وغيرها من الملفات التي تتقاطع فيها مصالح اوروبا واميركا مع روسيا.

لذا لا توقعات سياسية لبنانية بانتخاب رئيس جديد قبل نهاية حزيران ــــ تموز المقبل، موعد الاتفاق التقني والنهائي حول الملف النووي الذي يفترض ان يكون نهائياً بين ايران والدول الخمس زائداً واحداً، بعد انقضاء ثلاثة اشهر على اتفاق الاطار السياسي. وما خلا ذلك، حركة سياسية جوفاء، حتى انها لا تكفي لابقاء بند الاستحقاق متصدرا الاهتمام الدولي، ولا سيما اذا ما اخذ في الاعتبار ما يدور حقيقة في كواليس دوائر ديبلوماسية، لا تعير ابدا اهمية للاستحقاق الرئاسي في الوقت الراهن.

وأهمية الاشهر التي تفصلنا عن الاتفاق الايراني المفترض، بحسب سياسي لبناني، انها ستعطي مجالا اوسع مدى، لجوجلة المتغيرات الجديدة التي طرأت على السعودية مع الملك سلمان بن عبد العزيز والتغييرات الجذرية التي احدثها في المملكة. فالادارة السعودية الجديدة قد تراجع ملفاتها المتنوعة ان لم يكن من الصفر، انما بالحد الادنى، يمكن ان تعيد قراءة حساباتها ودورها في دول المنطقة من اليمن ومصر وسوريا والعراق الى لبنان. ومهما كانت هوية القائم بهذه المتغيرات، الملك نفسه او ولي ولي العهد الامير محمد بن نايف، فإن الاكيد ان مراجعة شاملة للاستراتيجية السعودية الجديدة تجاه هذه الدول تحتم الحاجة الى بضعة اشهر، لمعرفة عناوينها العريضة ومدى ملاءمتها لمصالح واشنطن او مراعاتها لخصوصية الدول المعنية. وستكون هذه المرحلة ضرورية ايضاً لتلمس مدى التغيير الذي قد يطرأ على سياسة السعودية تجاه سوريا وايران ومن ورائها حزب الله في لبنان، كما هي الحال بالنسبة الى وضع السعودية في التحالف الغربي الخليجي لضرب الدولة الاسلامية. وما يعنينا لبنانيا معرفة السياسة السعودية الجديدة تجاه لبنان ومستقبله ورئاسة الجمهورية فيه.

وفي انتظار المواعيد الجديدة التي تُضرب للبنان، قد نشهد متغيرات بطرح اسماء المرشحين، لأن اي انتخابات ستحصل في الصيف المقبل ربطاً باي اتفاق مع ايران، ومع وضوح الرؤية السعودية، يمكن ان يتضح اسم المرشح الرئاسي الفعلي. فالمرشحون الجديون سيكونون على تقاطع مع المشهد الاقليمي الجديد، وتبعا لذلك ستتبدل اسماء المرشحين الذين يجرى تداولهم حاليا ويتغير ترتيبهم، وستُجرى الجوجلة الرئاسية مع اقتراب مواعيد الاتفاقات الدولية، وقد تنضم اسماء جديدة للوائح المتداولة، لان هوية المرحلة المقبلة اقليمياً ودولياً، هي التي ستحتّم هوية الرئيس.