تزداد الاسئلة الاسئلة والتساؤلات حول المعنى الحقيقي لأزمة «الشغور الحكومي» الذي تجاوز الثلاثة أشهر ونيف، في أعقاب الانتخاب النيابية في 6 ايار الماضي، ومرشح الى المزيد من «الوقت الضائع» ولا يظهر القيمون الاساسيون على هذا الاستحقاق، ما يوفر قناعة كافية لدى اللبنانيين عموماً، بأن «هذا هو لبنان الكبير..» منذ تأسيسه في عشرينات القرن الماضي حتى اليوم؟!
هي ليست المرة الأولى يمر فيها الكيان اللبناني بأزمة حكومية، فهناك سابقات طاولت أكثر، وانتهت الى «حلول» بطبخات لم يكن الخارج الدولي والاقليمي والعربي بعيداً عنها.. لكنها هذه المرة. بدأت تأخذ ابعاداً بالغة الدقة والخطورة، طائفية وميثاقية، ولا يظهر في المعطيات المتداولة – على قلتها او ندرتها – ما يؤشر من قريب او من بعيد، الى حل قريب يخرج البلد من الظلمات الى النور، ومن الفوضى البلبلة السياسيتين الى الوضوح والجلاء واليقين، ويقطع الطريق أمام المصطادين في المياه العكرة.. وان كان «استقرار الوضع الامني» لايزال علامة فارقة – بحدود او بأخرى – على رغم الخروقات والتهديدات الاسرائيلية، المؤيدة أميركياً، المتتالية، للسيادة اللبنانية، بحراً وجواً وبراً، يوم بعد يوم.. وجديد ذلك، ما حذر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري، من ان إسرائيل تعمل على تكثيف نشاطاتها البترولية بالقرب من الحدود اللبنانية، وتحديداً حقل «كاريش» وقد تعاقدت مع شركة يونانية «انيرجيان» للبدء بالتنقيب في آذار 2019.. كما وجديده، ما نقلته صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية عن مسؤول في القيادة الشمالية (المحاذية للبنان) في الجيش الاسرائيلي «ان التفريق الذي قمنا به بين «حزب الله» ولبنان خلال الحرب اللبنانية الثانية (عام 2006) كان خاطئاً..» ليستطرد قائلاً «لن نقوم بمثل هذا التفريق في الحرب المقبلة وسنضرب لبنان وأي بنية تحتية لبنانية تساهم في القتال..»؟! ليرد الرئيس بري على ذلك قائلاً: «نتيجة عدم تأليف الحكومة إسرائيل تستغل وتستفيد من الوضع للاعتداء على نفطنا الوحيد الذي يخلصنا من الدين الذي علينا..».
اشتعال «حرب الصلاحيات» في لبنان، توازي الحرب الاسرائيلية، بل قد تكون أشد خطورة على الواقع الداخلي.. وذلك على رغم ان الدستور واضح، والحكومة تصدر بالتوافق بين الرئيس المكلف وبين رئيس الجمهورية..» و»من يحق له تفسير الدستور هو مجلس النواب.. ونقطة على السطر..» على ما قال الرئيس بري أول من أمس، أمام وفد نقابة المحررين..
تشكيل الحكومة واجب الوجوب، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، والوضع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي، بل والوطني يزداد خطورة، يوماً بعد يوم، و»الجميع مسؤولون» عن ايجاد المخرج المطلوب لتبصر الحكومة النور، اليوم قبل الغد..
من أسف، ان الاشارات الظاهرة لا تدل على قرب انجاز هذا الاستحقاق الوطني، بل على العكس من ذلك، والرئيسان ميشال عون وسعد الحريري يستعدان لمغادرة لبنان، كل في طائرته الخاصة، ولن يعودا قبل نهاية الاسبوع المقبل.. هذا في وقت لاتشي المعطيات المتوافرة على الساحتين الداخلية والخارجية، بامكان او احتمال احراز خرق الحد الأدنى في جدار التصلب ازاء تشكيل الحكومة العتيدة.
ينتظر البعض عودة التواصل بين الرئيسين عون والحريري، والرئيس نبيه بري لم يوفر فرصة سانحة، إلا ويعود الى دوره في العمل على تخفيف الاحتقانات والعمل على تحريك الجمود بين بعبدا و»بيت الوسط»، على رغم أنه لم يخرج الى العلن ما قيل عن ان رئيس الجمهورية أنجز ملاحظاته المتعلقة بالصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف الاثنين الماضي والمؤلفة من حصص وحقائب فقط ولم يدخل الاسماء أبداً بانتظار الاتفاق أولاً على الصيغة..»؟! الامر الذي فتح الباب من جديد أمام المزايدات والتهديدات من غير فريق، اذا ما تعرضت حصته لأي نوع من التبديل او التعديل..»؟!
في قناعة عديدين، ان الصراع على الصلاحيات التي أشعلها فريق الرئيس عون لم يأتِ صدفة، ولم يأتِ من فراغ.. ولم يكن مجرد تهويل على الرئيس المكلف، وإن كان الاتفاق على عدم استثناء أي أحد من الحكومة العتيدة لايزال ساري المفعول بحدود او بأخرى، خصوصاً من المحسوبين طائفياً او مذهبياً.. والبعض يستغرب «غياب البارودة» عن هذا الصراع، وقد دفع لبنان، أثماناً لا تقدر في ذلك في الأرواح والممتلكات وغير ذلك..».
وإذ يتمسك الرئيس الحريري بموقفه وينفي أي خلاف مع الرئيس عون، فهو يشير الى اننا مازلنا الى بعض الوقت لنصل الى صيغة نهائية للحكومة ويشدد على أهمية «احترام التوافق بين معظم المكونات والاحزاب بسبب التنوع والتعددية في لبنان..» لافتا الى ان دوره كرئيس مكلف هو ان يجمع مختلف الافرقاء، على الرغم من كل الخلافات السياسية «التي علينا ان نضعها جانباً.» فإلى متى؟