بعد مرور اكثر من شهرين على اعلان رئيس مجلس الوزراء استقالته من الرياض وعودته عنها من بيروت، فإن اللافت هو استمرار الفتور في علاقة «القوات اللبنانية» «بتيار المستقبل» والندوب التي تركتها هذه الاستقالة على اثر التطورات والمواقف التي تلتها من تأييد واضح وصريح للقوات لها ، وعلى الرغم من ان مروحة اللقاءات والاجتماعات التي عقدها الرئيس الحريري بعيد عودته من الرياض شملت مختلف الاطراف والقوى السياسية فقد استثني من هذه اللقاءات وبشكل ملحوظ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مما ترك علامات استفهام حول مستقبل هذه العلاقة التي تجذرت خلال ثورة الاستقلال، وقد استغل هذا التباعد بين الرجلين بشكل واضح من قبل بعض المستفدين من هذا الجفاء.
ولكن التطور الابرز لهذه العلاقة كان زيارة وزير الثقافة غطاس خوري العلنية الى معراب الخميس الماضي موفدا من الرئيس الحريري مما دفع البعض مجددا لطرح التساؤلات عن اسباب هذه الزيارة وامكانية اجتماع الرئيس الحريري مع «الحكيم» في وقت قريب خصوصا ان سبقتها صورة جمعت نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ونائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني والنائب فادي كرم واللواء اشرف ريفي، مصادر «القوات اللبنانية» لا ترى علاقة بين اللقاء الاجتماعي الذي جمع هذه الشخصيات بالتحرك الذي قام به الوزير خوري وهي تصف اللقاء الذي جمعه مع جعجع بانه ايجابي جدا، وكشفت المصادر عن ان قنوات التواصل كانت مفتوحة منذ مدة بين وزير الاعلام ملحم رياشي والوزير غطاس خوري ولكنها بقيت بعيدة عن الاعلام حتى ان تطورت الامور ايجابيا من خلال المناقشات والحورات الصريحة التي حصلت، وتوجت بزيارة خوري الى معراب بشكل معلن، وتشير المصادر الى انه يمكننا القول بوضوح بأن كل طرف تفهم وجهة نظر الطرف الاخر، والاسباب التي ادت الى الجفاء في العلاقة.
واعتبرت المصادر ان للعلاقة شقين، الاول متعلق بالازمة التي نتجت عن الاستقالة ونتائج هذه الاستقالة والدوافع التي ادت اليها، خصوصا ان موقف «القوات اللبنانية» كان مؤيدا لاسبابها التي اعلنها الرئيس الحريري شخصيا، ولكنها اشارت في المقابل الى ان لكل طرف مقاربته الخاصة للموضوع، وتعتبر المصادر الى انه كان لهذه الاستقالة نتائج ايجابية واضحة وتُرجم ذلك بالبيان الشهير الذي صدر عن الحكومة اللبنانية بشأن التزام الجميع بسياسة النأي بالنفس وتتابع المصادر قائلة ان بيان الحكومة انعكس ايضا على البيان الذي صدر حينها عن وزراء الخارجية العرب وانسحب ايضا على ما صدر عن مجلس الامن ومجموعة الدعم الدولية للبنان وكل هذه البيانات شكلت مساندة قوية للبنان واستقلاله واستقراره .
وتشير المصادر ايضا الى ان سوء التفاهم الذي لا احد ينكر حصوله بين القوات والمستقبل يتم البحث في تفاصيله الدقيقة لمعالجة كل اثاره وتفادي تكراره مستقبلا.
اما الشق الثاني في العلاقة والذي يجب ترسيخه واستمراره في المرحلة المقبلة هو الشق السياسي خصوصا ان لدينا ثوابت ومبادىء مشتركة ترسخت خلال ثورة الارز ضمن فريق الرابع عشر من اذار، وهذا الامر من المؤكد ضرورة ترجمته على مستوى البلد والحكومة من خلال قيام دولة مستقلة في لبنان تتبع سياسة النأي بالنفس وهناك بحث سياسي معمق يتعلق بضرورة وضع تصور متكامل للمرحلة المقبلة.واشارت المصادر الى أن العلاقة حاليا تمر في مرحلة جديدة من خلال وضع تصور شامل ومتكامل.
وعن الموعد المرتقب للقاء الحريري-جعجع تؤكد المصادر بأنه من الطبيعي ان يعقد هذا اللقاء ولكنها ترفض تحديد اي موعد له بإنتظار نضوج كل المعطيات ليكون لقاءً مثمراً وناجحاً من اجل طي الصفحة الخلافية نهائياً.
اما بالنسبة للتحالفات الانتخابية خصوصا ان ماكينة «القوات اللبنانية» تعتبر من الماكينات الناشطة انتخابيا لا سيما انها السباقة باعلانها وبشكل واضح وصريح عن عدد كبير من مرشحيها في البعض المناطق اللبنانية المختلفة فإن مصادرها ترى بأن التحالفات الانتخابية ليست واضحة بعد بانتظار بلورة التفاهمات السياسية إن كان مع «التيار الوطني الحر» الذي يربطنا به تفاهم معراب، او مع «تيار المستقبل» حليفنا الثابت منذ ثورة الارز او مع حزب « الكتائب» الذي تجمعنا به عناوين سيادية معروفة، وايضا بالنسبة الى التحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي اضافة الى شخصيات سياسية مختلفة تمهيدا لهذه التحالفات التي يجب ان لا تكون آنية، واعلنت المصادر ان خطوط القوات مفتوحة مع الجميع باستثناء من تختلف معهم ايديلوجيا. وشددت المصادر الى سعي القوات من خلال مرشحيها لتوسيع اطار مشروعها السياسي.
وعن اجتماع الاثنين الماضي الذي جمع الوزير رياشي بوزير الخارجية جبران باسيل في حضور النائب ابراهيم كنعان تصفه المصادر القواتية بالايجابي، وتشير الى انه اتى استكمالا لإجتماع كنعان مع رئيس حزب القوات في معراب وهدف اجتماع باسيل ورياشي وبحسب المصادر هو معالجة اسباب توتر العلاقة بين «التيار الوطني الحر» من جهة والقوات من جهة اخرى، خصوصا ان لكل طرف وجهة نظر مختلفة عن الاخر بعدد من القضايا كمقاربة ملف الكهرباء مثلا وكشفت المصادر الى ان الحكيم حمّل رياشي مجموعة من الطروحات للخروج بتصور سياسي مشترك.
وعن امكانية عقد لقاء قريب بين باسيل وجعجع تتوقع المصادر ان يتم عقد لقاء تمهيدي بين كنعان وجعجع مشيرة الى ان المواعيد تأتي بشكل تلقائي والعمل يجري عليها بشكل جدي.