Site icon IMLebanon

الخلل في التوازن السياسي يضرب عميقاً ليوقف الحريري وجعجع انهيار تحالفهما

تناقلت شخصيات سياسية في الايام الاخيرة كلاما يعبر عن الاستياء بل الزلزال الذي ضرب العلاقات بين “تيار المستقبل” وحزب “القوات اللبنانية” والذي وان لم يخرج كله الى العلن فان الحلفاء والخصوم يعرفونه ويعملون في هديه ولا سيما “حزب الله” باعتباره الخصم الاقوى للفريقين. وفيما سرت تكهنات حول موقف الحزب وسط مؤشرات متناقضة، فان الحزب، بحسب معلومات سياسيين مطلعين، ليس محرجا من تحالف معراب فيما المشهد السياسي يصب في مصلحته خصوصا لجهة واقع قوى 14 آذار تحت وطأة الصراع على دعم المرشحين البارزين للحزب الى رئاسة الجمهورية. كما انه على عكس التكهنات، فان الحزب لم ينزعج من نقاط اعلان النوايا التي عددها الدكتور سمير جعجع فيما الكل يدرك ان الدخول في تفاصيل كل منها يفيد بانها مبادئ في حين ان وضعها موضع التنفيذ مختلف، ولا يفتقر الحزب للحجج في هذا الاطار. فالبند المتعلق بحماية الحدود مثلا قد يصطدم بوصول المعدات والاسلحة الضرورية للجيش في اي وقت في حين ان الحزب قد يتذرع بعدم امكانه ترك الحدود سائبة لعبور المتطرفين مثلا. يضاف الى ذلك احتمال الاستفادة من تحالف معراب لفتح قنوات تواصل مع جعجع الذي لم يخف رغبته سابقا في لقاء مع الحزب مع ما يعنيه ذلك من خلط للاوراق وتغيير المشهد الداخلي.

ما تخشاه مصادر عدة معنية ان ما آل اليه المشهد السياسي مع توجه كل من اركان قوى 14 آذار الى التسابق والصراع على دعم ترشيح ركن من اركان 8 آذار هو ان يكرس ذلك واقع حصول خلل في التوازن السياسي الذي كان قائما ومستقرا حتى الان في البلد وان يكون كلا من الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع يساهمان كل من جهته في تعميقه. فمع ان هناك اسبابا داخلية عدة يمكن الاستنجاد بها في هذا السياق، فانه لا يمكن اهمال او تجاهل العوامل الاقليمية بحيث تكون التطورات المتمثلة في تدخل عسكري روسي اعاد اعطاء الزخم للرئيس السوري ومدد له سنتين اضافيتين مضمونتين في السلطة قد شدت ازر ” حزب الله”. وينسحب ذلك على واقع اكتساب ايران زخما اضافيا لها في المنطقة بعد دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ ورفع العقوبات عنها. فاذا كانت المؤشرات التي تمت قراءتها حتى الان دفعت الى تنازلات كبيرة جدا من الفريق الاخر فما بالك بانتظار المزيد من الوقت وسلوك بعض هذه التطورات طريقها الى الترجمة الفعلية. اذ عندئذ سيمكن تحصيل تنازلات اكبر سبق ان لوح بها نواب الحزب لدى تسرب الاعلان عن دعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه وتتصل بموقع رئاسة الحكومة الذي يجزم المطلعون انفسهم انه بات ابرز اهداف او طموحات الحزب بعدما بات موقع رئاسة الجمهورية في جيبه من خلال ايصال احد اركان قوى 8 آذار المسيحيين خصوصا ان صلاحيات هذا الموقع لم تعد بالقوة المهددة او القائدة. وثمة من يؤكد في هذا الاطار ان الحزب لن يقبل اطلاقا ان يعود الرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة حتى لو كانت وردت من ضمن الشروط او من ضمن عناصر تحالف معراب او من ضمن النقاش المفتوح مع اي من العماد ميشال عون او النائب سليمان فرنجيه بغض النظر عن واقع قدرتهما على فرض ذلك او المساومة عليه من ضمن شروط تطاول صلاحيات رئيس الحكومة. اذ ان هذه الوعود لن تستقيم في ظل وجود افرقاء آخرين لم يكونوا طرفا في كل النقاشات التي حصلت اقله ظاهريا ومن حيث المبدأ كما هي الحال مع الحزب. وثمة ما يتسرب عن لقاءات لمرشحين محتملين لرئاسة الحكومة قريبين من الحزب يناقشون مع عون احتمال ان يكونوا من ضمن التركيبة السياسية المقبلة.

ما يحتاج اليه فريق 14 آذار هو العمل فورا وسريعا على وقف الانهيارات التي قد تبدو متدحرجة والاتجاه تاليا الى الحد من الخسائر ووقف انزلاق الامور بين “المستقبل” و”القوات” نحو مرحلة لا يمكن العودة عنها اذ يزيد الكلام والمواقف المنتقدة من الجهتين الشرخ بحيث لن يعود ممكنا رأبه بسهولة، علما ان الوضع لم يعد سهلا بين الجانبين حتى الان. لا تتعلق المسألة بمصالح الجهتين المعنيتين فحسب وهما الاقدر على معرفة ذلك بل بمصلحة التوازن السياسي في البلد من جهة الذي بات مختلا بقوة، وليس اطلاق ميشال سماحة سوى نموذج على هذا الخلل والذي وعلى رغم كل المحاولات سيكون صعبا تنفيذ مضمون الخطوات الاعتراضية على اطلاق هذا الاخير. كما يضر هذا الخلل بمصلحة رأي عام بات مفجوعا بتفرق هذه القوى وصراعها على ايصال مرشحين من الفريق الخصم اياً يكن الدعم الذي يحظى به كل منهما ضمن جمهوره المباشر او المبررات التي يسوقونها امام هذا الجمهور. لذلك يصح جدا ضرورة ابتعاد النواب والسياسيين من الطرفين عن التعليق حول الموضوع الرئاسي وتهدئة التجاذب في هذا الاطار. وقد يكون نشاط وسطاء من خارج الوسط السياسي مفيدا ومحبذا اكثر بين الطرفين راهنا في هذه المرحلة لاعتبارات متعددة لا مجال للدخول فيها لان امكان التصالح بعد ان تكون وقعت الواقعة وبات هناك امرا واقعا جديدا سيكون صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا في ظل الصراع على السلطة القائم في البلد على صعيد الفريقين الاساسيين في البلد او من ضمن هذين الفريقين بالذات ايضا.