IMLebanon

صندوق النقد أمضى وقته مستمعاً… ورسائل فرنسا كما السعودية شرطها الإصلاحات

 

رسالة بالغة الأهمية بعث بها وزير المالية الفرنسي حول دعم بلاده إزاء تردي الوضع المالي في لبنان. تعتبر هذه الرسالة الأبرز بين المواقف الدولية التى أحجمت عن إبداء رأي أو دعم صريح للبنان الذي طلب الاستنجاد التقني من صندوق النقد والبنك الدولي. وتزامنت الرسالة الفرنسية مع موقف سعودي لافت منذ مجيء حكومة الرئيس حسان دياب عبّر عنه وزير المالية السعودية محمد الجدعان: “المملكة كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني”.

 

إلا أن التفاؤل يبقى حذراً إلى حد كبير نظراً لسببين جوهريين: الأول حجم المأزق المالي اللبناني وخطورته والذي يحتاج إلى إجراءات جوهرية وتغييرات بنيوية لمقاربة عملية الإصلاح والإنقاذ، والثاني أن الموقف الفرنسي كما السعودي رغم أهميته يبقى غير كاف ما لم يكن هناك رضى أميركي على مساعدة لبنان وحكومته في وقت تتزايد فيه الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية ضد إيران و”حزب الله”.

 

تلتقي الرسالتان على الاستعداد للدعم المشروط. وللمرة الأولى يتحدث وزير المالية السعودية لغة الفرنسيين علانية في ما يتعلق بطلب الاصلاحات من لبنان كمدخل لأي مساعدة. والاصلاحات هنا تعني ضمناً تداخل العامل المالي بالسياسي وبالطبقة الحاكمة من حكومة إلى مجلس النواب.

 

ولا تؤشر الرسالتان إلى أن المساعدات ستمنح للبنان خلال فترة وجيزة ولا لمجرد المساعدة قبل الانهيار الكبير. الاستعداد للمساعدة شأن، وتقديم المساعدة شأن آخر ومختلف وله توابعه. فضلاً عن أن التصريحين أتيا في نهاية اجتماع لمسؤولي المالية من مجموعة العشرين وقد ورد ما ورد في إطار كونه كلاماً عمومياً لم يتضمن تفاصيل أو يعلن عن مبادرات محددة. قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير: “فرنسا مستعدة دائماً لمساعدة لبنان. لقد كان الحال دائماً في الماضي وسيكون هذا هو الحال في المستقبل”.

 

منذ تشكيل الحكومة لم تخف فرنسا استعدادها لمساعدة لبنان لكن ضمن رزمة من الإصلاحات المطلوبة، تندرج في إطار قوانين ومراسيم تطبيقية تصدر عن مجلس النواب اللبناني، وقد سبق لسفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه وخلال زيارته رئيس الحكومة حسان دياب أن قدم ورقة الإصلاحات المطلوبة من أجل دعم لبنان عبر “سيدر واحد” والتي يتوجب على لبنان تطبيقها بالكامل استباقاً لأي مساعدة ممكنة.

 

أما كلام الجدعان عن “أن بلاده على اتصال ببلدان أخرى لتنسيق أي دعم للبنان على أساس الإصلاحات الاقتصادية” فهو موقف وفق تفسير مصادر مطلعة على موقف المملكة “المقصود منه التأكيد على أن السعودية لا تزال ملتزمة بمقررات سيدر التي تشترط حصول إصلاحات معينة للحصول على مساعدات”. واذا كانت المملكة ليست في صدد استقبال رئيس الحكومة حسان دياب فهي اشترطت للانفتاح عليه اجراء اصلاحات معينة هي ذاتها التي تحدث عنها مؤتمر “سيدر”، ما يعني ضمناً أنها وضعته أمام امتحان صعب، خصوصاً أن الحكومة لم تقدم على أي إجراء في هذا الصدد بعد ولم تتخذ اي قرار أو تدبير يؤكد قدرتها على الانجاز حتى اليوم.

 

الرسالتان لا ترتبطان بصندوق النقد الدولي الذي جاء وفده إلى لبنان وأجرى محادثاته بناء على طلب المشورة من الحكومة اللبنانية بشأن معالجة وضع لبنان الاقتصادي والمالي والنقدي. وخلال لقاءاته المتعددة مع المسؤولين أمضى الوفد وقته مستمعاً ليرى ماذا يريد أن يفعل لبنان وحكومته الجديدة نتيجة الأزمة التي أوصلته إلى الهاوية.

 

وفيما لم يرشح أي تفاصيل إضافية عن زيارة الوفد برئاسة مارتن سريزولا، عُلم أن الزيارة لم تكن إيجابية بالنظر إلى ما لمسه الوفد من صعوبة الأزمة المالية في لبنان واستحالة المعالجات إلا من خلال إصلاحات جذرية سريعة. وبناءً للتصور الذي خرج به أحد المسؤولين ممن اجتمع بهم أن الوفد بدا وكأنه غير راغب بالتورط في الأزمة اللبنانية بالنظر إلى دقة ما لمسوه من حقيقة الأزمة المستفحلة وخلفياتها السياسية، وأن جل ما فعله أعضاء الوفد خلال جولاتهم على المسؤولين أنهم جمعوا “داتا” ومعلومات عن حقيقة الوضع لإعداد تقرير مفصل قبل اتخاذ أي موقف.

 

وفق المعلومات لمس وفد صندوق النقد أن الوصفة التي يعتمدها دائماً للدول التي تعاني أزمات مالية قد لا تتوافق والحالة اللبنانية وفضّل عدم تقديم أي برنامج افتراضي أو مؤشر معين عن خطوات محددة.

 

وعُلم أن الحكومة ابدت استعدادها لإجراء بعض الخطوات كإقرار قانون الهيئة الناظمة للكهرباء، مثلها مثل الهيئة الناظمة للنفط، والهيئة الناظمة للاتصالات وغيرها من الخطوات الاصلاحية.

 

في آخر تصريح أدلى به، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن “لبنان بحاجة ليس لمشورة صندوق النقد الدولي فحسب، بل طلب مساعدة الصندوق لإعطائه عندئذ المساعدات المالية”، مشترطاً إصلاحات سياسية واقتصادية لأي مساعدة ممكنة ومن أي نوع كانت.