يجتاز البلد مرحلة في غاية الأهمية والخطورة في آن نظراً لتراكم الملفات السياسية والمالية والاقتصادية، في حين بات واضحاً ومن خلال المعلومات من أكثر من مصدر سياسي أن وفد صندوق النقد الدولي عاد خائباً بعدما توصل إلى نتيجة واضحة من قبل المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم مفادها أن العملية الإصلاحية التي طالب بها الصندوق وعوّل عليها فإنها صعبة المنال ودونها عقبات سياسية وسواها، وبالتالي تفاجأ المسؤولون في وفد صندوق النقد من مكامن الخلل الكثيرة في إدارات الدولة ومؤسساتها، وعليه ليس هناك ما يوحي بأن الحلول ستكون قريبة من قبل الدول المانحة لدعم لبنان ولا سيما أن هناك تطورات سياسية طرأت في الآونة الأخيرة على الموضوع اللبناني بعد العقوبات الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية على ثلاثة مسؤولين قالت إنهم من المقربين من حزب الله، وصولاً إلى الحديث عن عقوبات وإجراءات أخرى، ما يعني أن الدول المانحة وعلى وجه التحديد الولايات المتحدة الأميركية لن يقدموا في مثل هذه الظروف والتطورات الجارية في المنطقة على أي خطوة تُعتبر بمثابة المغامرة في لبنان في ظل حكومة يعتبرونها ذات لون واحد، إلى سيطرة بعض القوى الحزبية على الدولة اللبنانية، وصولاً إلى الانقسام السياسي بين الأفرقاء اللبنانيين، ما يُصعّب مهمة الحكومة اللبنانية في إيجاد الحلول للديون المتراكمة، وصولاً إلى العملية الإصلاحية المالية، وبالتالي إن الزيارات التي يقوم بها بعض الوزراء اللبنانيين أو حتى أي زيارة لرئيس الحكومة حسان دياب لدول عربية أو خليجية وسواها، فكل ذلك لا يعني أن هناك دعماً لحكومته وإنما تُعتبر هذه الزيارات ذات شأن ديبلوماسي وفق المتعارف عليه عبر التعاطي الديبلوماسي بين الدول، إنما الدعم شأن آخر في مثل هذه الظروف التي يجتازها لبنان، ولذلك هناك معلومات عن أجواء لا توحي بالتفاؤل وهي اللجوء إلى التصعيد السياسي من قبل الحكم والحكومة تجاه معارضيهم، وذلك ما حصل مؤخراً بعد البيان الذي صدر عن الرئيس دياب وما تلا ذلك من انتقادات مبطنة من قبل رئيس الجمهورية للحكومات السابقة وتحميلها مسؤولية النزف الاقتصادي، أي أن هناك هجوماً مضاداً من قبل الدولة، وعندئذٍ فإن لبنان وفق المتابعين سيدخل في أجواء سياسية تصعيدية محمومة، وكل ذلك بانتظار حصول حلول ما من المجتمع الدولي لكنها غير قريبة على اعتبار ثمة انشغال دولي بما يجري بين تركيا وسوريا على الحدود بين البلدين، كذلك ما يحصل بين إسرائيل وغزة والتصعيد الإسرائيلي في هذا السياق، وكل ذلك على خلفية صفقة القرن وما يمكن أن تُخلّف من تداعيات قد لا يكون لبنان في منأى عنها في هذه المرحلة.
وبانتظار بلورة هذه التطورات فإن المخاوف تبقى قائمة تحديداً على صعيد المسارات المالية والاقتصادية والمعيشية التي ما زالت تشهد انهيارات من شأنها أن تؤدي إلى خلق حالة فوضى نظراً لضيق معيشة اللبنانيين وغياب المعالجات التي من شأنها أن تؤدي إلى حلحلة ولو جزئية في هذه الظروف الاستثنائية، وإنما وأمام الأجواء السياسية الراهنة داخلياً وإقليمياً فإن الأوضاع مفتوحة على كافة التوقعات والاحتمالات.