Site icon IMLebanon

هاتوا… غير صندوق النقد!

 

 

لم يرشح شيء بعد عن المشاورات القائمة بين القوى الداعمة للرئيس المكلّف من أجل تشكيل الحكومة العتيدة. ولا ندري إن كانت هناك معايير للتأليف طبعاً غير معيار توزيع الحصص على الاحزاب الكبيرة الناطقة باسم الطوائف. وما يزيد من ضبابية المشهد هو اختلاف الرؤى ما بين القوى نفسها الداعمة لتكليف الدكتور حسّان دياب، فهناك من يُصرّ على إشراك القوى السياسية وهناك من يريد تغييبها في الشكل من خلال مشاركة إختصاصيين مدعومين من القوى السياسية. أما معيارالتشكيل الأساس والغائب عن المداولات حتى الساعة، فهو أي فريق حكومي لأي سيناريو يُخرج لبنان من الأزمة الراهنة.

 

لم تعُد أمام لبنان خيارات كثيرة لوقف الإنهيار. القطاع المالي بحاجة إلى خطة شاملة تُعيد رسملة المصارف، وتُنقذها هي ومصرف لبنان من الأصول المتهالكة والمقصود بها سندات الخزينة الصادرة عن الدولة اللبنانية. والقطاع العام بحاجة إلى إصلاحات هيكلية بالعمق ترشد إنفاقه وتعيده إلى حجم ومستوى عجز متناسب مع حجم الإقتصاد. هذه الإصلاحات ضرورية ولكنها لم تعد كافية. البلد الصغير بحاجة إلى كمية من السيولة لكي تضخ في قطاعات اساسية من أجل تلافي الإنهيار الكامل.

 

من أين يمكن أن تأتي تلك الأموال؟ سيناريو الوديعة العربية لم يعد متاحاً. سقط مع إسقاط تكليف الحريري على رأس حكومة “مقبولة” كما قالها دبلوماسي رفيع زار لبنان في الفترة الأخيرة. يبقى سيناريو صندوق النقد الدولي. لا شك أن سيناريو من هذا النوع يلقى أكثر من عقبة. الواقع أن الأطراف المتخاصمة، سياسية ونقدية، تتوافق على رفضه. هناك من لا يريد صندوق النقد لانه لا يريد الكشف عن واقع الأرقام والحسابات الخاضعة لإدارته، وهناك من يرى فيه بصمات أميركية تحاول التسلل إلى منظومة الحكم في لبنان. أما الذريعة التي تُقدَّم إلى الرأي العام فهي أن هكذا مساعدة تكون على حساب السيادة اللبنانية بالإضافة الى أن الشروط المرافقة لـ”مساعدة” صندوق النقد لها وقع أليم على المستوى الإجتماعي لا سيما لذوي المداخيل المتواضعة.

 

والواقع أن الوضع الإقتصادي لم يعد يحتمل لا الإعتبارات الشخصية ولا تلك الإيديولوجية والمرتبطة بالإقليم. والسؤال اليوم ما هي خيارات الإنقاذ وهل من خيار آخر غير الذهاب إلى صندوق النقد؟ إنه السؤال الأساس والمعيار الأول لتشكيل هذه الحكومة. فإذا كان هناك من خيار بديل، وحلّ مستدام، غير الإستمرار بسياسة الإنتظار وتراشق التهم الذي بدأ أولاً بين الأحزاب السياسية وانتهى عند تبادل التهم ما بين القوى السياسية والنقدية والمصارف، فلا بد من طرحه واختيار الفريق المناسب لهذا الغرض. وإن كان لم يبقَ خيار سوى صندوق النقد فهذا يتطلّب قراراً و كفاءات، والأهم، برنامجاً إنقاذياً واضح المعالم.