IMLebanon

تداعيات الخطأ الاستراتيجي

اتصال سعد الحريري بسليمان فرنجيه والبحث معه في امكان تبنّي ترشحه الى رئاسة الجمهورية بصفته «مارونيا قويا» باعتراف بكركي، ليس مسؤولا عنه سليمان فرنجيه، بل سعد الحريري، لأن اي شخصية مارونية قوية كانت او غير قوية لن ترفض او تتجاهل دعم اكبر كتلة نيابية يفتح امامها طريق الوصول الى قصر بعبدا، تطبيقا للمقولة الشهيرة ان كل مسيحي ماروني هو مرشح طبيعي لرئاسة الجمهورية بما يعني ان المشكلة ليست مع سليمان فرنجية، بل المشكلة مع سعد الحريري، الذي ارتكب «خطأ استراتيجيا» بمبادرته غير المدروسة وغير المنسقة مع حلفائه المسيحيين، وخصوصا الدكتور سمير جعجع والرئيس امين الجميل، والتي لم تتضح معالمها الحقيقية حتى الآن، وكان هناك حرص من صاحب المبادرة على ابقائها سرية، لغاية في نفس سعد، واغلب الظن ان سعد الحريري بناء ربما لمشورة المستشارين، اعتبر انه قادر وهو المسلّح بدعم مشترك عربي واجنبي على تسويق مبادرته، دون عقبات تذكر، ولم يتوقع ان ينطلق سمير جعجع من ثوابت 14 آذار لتذكيره بأن التسوية يجب ان يتم التفاهم عليها انطلاقا من مبادئ 14 آذار وليس بتجاهلها او القفز فوقها، عندها يمكن التفاهم على الشخص القادر على حمل مثل هذه المبادئ كحياد لبنان وسلاح المقاومة وقانون الانتخاب، وملفات اخرى تحمل الطابع السيادي، الاّ اذا كان الحريري قرر الخروج من 14 آذار والانضمام الى حياد وليد جنبلاط، وما تمسّك سمير جعجع بمبادئ 14 آذار «المعمّدة بالدم» واصراره على ديمومتها لأنها «روح لا يستطيع احد ان يطفئها» سوى رسالة الى من يهمه الامر ان القوات اللبنانية متمسكة بهذه الروح وتقترب ممن يقترب منها على هذا الاساس، وهو في ذات الوقت لا يعير اهمية للذين يحاولون تدمير هذه الروح من داخل 14 آذار او من خارجها.

***

على الرغم من الصمت «المدوي» الذي يلتزم به كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، بعد مرور اكثر من شهر على المبادرة الحريرية. الا ان نواب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، يكشفون بوضوح ما سبق لنواب الكتائب واشاروا اليه بان شخص النائب سليمان فرنجية، لا علاقة له بمواقفهم المتخوفة من هذه المبادرة الغامضة وقد اعلن امس الاول النائب القواتي فادي كرم ان احزاب القوات والكتائب والتيار الوطني «متضامنة» في مواجهة المبادرة الحريرية، لان التسوية الفعلية سبق وتم التفاهم على عناوينها، واصبحت اقوى من الشخص وملزمة لأي مرشح تسووي، كما ان المطران ميشال عون، اكد ان «المبادرة لن تمر الا بموافقة جميع القادة الموارنة ورضاهم»، ما يعني في التحليل ان اي مرشح لمنصب الرئاسة الاولى، بصرف النظر عن اسمه وموقعه وتحالفاته لن يبقى فوق الغربال المسيحي الماروني، ما لم يعلن التزامه بمضمون التسوية الحقيقية حول عدد من الملفات والثوابت والمبادئ، وعندها يأخذ البركة من بكركي والموافقة من الجميع، فيتحول عندها الى الرئيس القوي الذي يتمتع بقوة الاقوياء، واحتضانهم له، بدلا من ان يأتي عاريا الى منصب الرئاسة الاولى، تطبيقا للمثل اللبناني الذي يقول «من يخلع ثيابه يعرَ».

يبقى موضوع رئاسة الحكومة، الذي يحكى بان التسوية «طوبته» لمدة ست سنوات على اسم سعد الحريري.

هل يمكن لعاقل ان يصدق، ان الامر هذا قابل للتطبيق، بوجود اكثرية نيابية واقلية، قابلة في اي وقت للتغيير والتعديل والاستشارات الملزمة والظروف الطارئة؟؟ ام ان هذا الطرح من ضمن حملة التجميل والاقناع؟