IMLebanon

التحالف المستحيل بين «القوات» و«التيار»!

 

 

على مساحة الدوائر الـ 15 نَسَج «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» مشروعَ تعاونهما الانتخابي تحت شعار واحد «أوعا التحالف»! قد تكون من أكبر المفارقات التي طبعت خريطة التحالفات السياسية. تُوصِل المصالحةُ المسيحية ميشال عون الى القصر الجمهوري ولكنّها تعجز في المقابل عن «تفريخ» لائحة واحدة تكرّس «ورقة التفاهم المسيحي» ولو بمقعدٍ نيابي!

يلتقي «التيار الوطني الحر» و«الجماعة الإسلامية» على لائحة واحدة، ولا يلتقي «قواتي» و«عوني» على لائحة في دائرة مسيحية أو مختلطة. تفضّل معراب التعاونَ مع غريمها سامي الجميل ولا تجد نفسَها في مركب واحد مع «حليفها» المفترَض جبران باسيل.

«التسونامي» المسيحي الذي رُوّج له طويلاً بعد رفع كؤوس الشمبانيا في معراب لـ«قش» المقاعد المسيحية لم يكن سوى زوبعة في فنجان.

مَن واكب مسارَ المفاوضات بين الطرفين خرج بإقتناعٍ راسخٍ مفاده أنّ «إمكانية إلتقاء «القوات» و«حزب الله» ضمن لائحة بدت أهون من إلتقاء «القوات» و«التيار»!

هي ليست فقط «لعنة» النسبية. ثمّة مِن «القواتيين» مَن يجزم بأنّ «جبران لا يشبع تعييناتٍ وحتى «مقاعد»، ونحمّله مسؤولية عدم التوصّل الى تفاهمات الحدّ الأدنى. مع ذلك، لا ندمَ أبداً على المصالحة، ورهانُنا مستمرّ على رئيس الجمهورية». لا يملك «العونيون» وصفةً طبّية، على ما يقولون، للعقدة النفسية من جبران «الرجل يريد أن يشتغل للبلد، ويا ليتهم يفعلون مثله».

كُرمى للشكليات جلس الطرفان وجهاً لوجه، والآلة الحاسبة ثالثهما بغية إنقاذ ما يمكن إنقاذُه من ماء وجه «التحالف المسيحي».

مسارُ التفاوض، وفق «القوات»، «كشَف سعيَ «الحكيم» الجدّي الى التعاون ووضع اليد في يد «البرتقاليّين»، حتى ولو أنّ أولى الترشيحات «القواتية» الاستفزازية أُعلنت من البترون، معقل باسيل الباحث عن «المشروعية الشعبية»، على ما يردّد دوماً. لكنّ عنوانَ «المكتوب» قُرِئ باكراً، ربما لحظة ظهور الانشقاق بين الطرفين حول هويّة قانون الانتخاب.

سقطت كل مشاريع التحالفات الممكنة، حتى في المناطق ذات الرمزية المسيحية وسط المدّ الشيعي. «القوات» رغبت جدّياً، وفق مصادرها، بتوجيه رسالة الى الرأي العام المسيحي مفادها أنّ «التفاهم» في خير وهو قادرٌ على إثبات وجوده في المناطق التي لم يشملها القانون الجديد بـ «عَطفه» لناحية تحسين التمثيل، «لكنّ جبران لم يُساعدنا».

وَصل الأمر الى حدّ مجاهرة الوزير ملحم الرياشي بأنه «يحسد» الثنائي الشيعي، قاصداً تماسكَه السياسي وصولاً الى التوزيع المبكر والهادئ للحصص والمقاعد النيابية.

لكن لـ«التيار» مقاربة مختلفة تماماً. أوساطه تركّز أولاً على «حملات التضليل والأكاذيب القواتيّة»، لتصلَ الى حدّ التأكيد «أننا سعينا الى تحالف في 11 دائرة من أصل 15 مع «القوات».

ولنأخذ دائرة بعلبك-الهرمل ولنسأل الفريق الذي فاوض الطرفين، أي تيار «المستقبل»، عمَّن كان يفرض الشروط للعرقلة. لقد حاولنا تشكيلَ قوة ضغط هناك والقول لأخواننا الشيعة إنّ لديكم خيارات أخرى من مرشحين شيعة لا يمكن أن يترشّحوا إلّا بمواققة «حزب الله»، لكن مَن رمى الثاني خارجاً؟».

جلساتُ التفاوض الانتخابي عُقدت على مراحل ومستويات عدّة، وشملت جعجع وباسيل والرياشي والنائب ابراهيم كنعان والأمينة العامة لـ«القوات» شانتال سركيس ومنسّق الماكينة الانتخابية في «التيار» نسيب حاتم. الجميع اجتمع مع الجميع، باستثناء باسيل وجعجع اللذين لم يجدا حاجةً للقاء.

في أقضية الشمال المسيحي وجبل لبنان وبيروت الأولى إستُبعِدَت سريعاً إحتمالاتُ التحالف نظراً لانتفاء المصلحة المشترَكة، على رغم تأكيد الطرفين سعيَهما الى التفاهم.

ثم ذهب المفاوضون صوب الأطراف أي عكار والجنوب والبقاع، كذلك بيروت الثانية، من منطلق محاولة تشكيل رافعة مسيحية حيث يمكن إقتناصُ المقاعد «المُستَفرَدة» بالقبضة المسيحية الموحّدة، لكن هنا أيضاً سقط التوافق حيث برز تباينٌ كبير في النظرة الى التحالفات مع الأحزاب الأخرى والحصص وأسماء المرشحين، كما في مرجعيون، الزهراني، صيدا- جزين، بيروت الثانية، عكار… والطرفان يحمّلان بعضهما مسؤولية التعثر الانتخابي.

«التيار» يقدّم نموذجَ بعلبك-الهرمل لفضح تلاعب «القوات»، فيما تقدّم زحلة نموذجاً عن معاناة «القواتيين» مع باسيل. هي الدائرة التي تشعر فيها معراب بفائض قوة «هنا لدينا ثقلٌ شعبي ومسيحي يعترف به حتى أخصامنا، لكنّ «التيار» الذي يبلغ حجمُه حاصلاً واحداً «وبالكاد»، فرض علينا حصة من ثلاثة مرشحين. هذا الأمر «ما بيقطع معنا»!

وباكراً عاب «القواتيون» على «التيار» نسجَه تحالفات هجينة، «فيما نحن تمسّكنا بخيارات تُشبهنا وتتماشى وخطنا السياسي وخطابنا من التحالف مع «الكتائب» الى «الأحرار» و«الكتلة الوطنية» «المستقبل» و«الاشتراكي»… وصولاً الى المستقلّين».

لكنّ العونيين بدورهم يقدّمون دليلَ براءتهم من هذا الاتّهام. «لم يكن لدينا «فيتو» على أحد من القوى السياسية، فكيف حين يأتي خصمُنا السياسي ويقدّم دعمَه لخطابنا السياسي وللعهد، بما في ذلك «الجماعة الإسلامية»، فهل نرفضه وننبذه؟».

عدمُ حصول تحالف «قواتي»-«عوني» يطرح تساؤلاتٍ يتردّد صداها أكثر في معراب. تقول المصادر القواتيّة «التساؤلات مشروعة وهي لا تتعلّق فقط بماهية قانون الانتخاب، بل بالأسباب الحقيقية الكامنة خلف هذا الإخفاق، لكنّ القرار متّخَذ وحاسم بعدم العودة الى الحالة الصدامية، وكل المناورات متاحة تحت هذا السقف بما في ذلك تطنيشنا عن الخطاب الانتخابي لباسيل في خلال الإحتفال بإعلان اللوائح، في مقابل ردّ جعجع السريع على رئيس الجمهورية عقب جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة في موضوع الكهرباء و«ضرورة العودة الى إدارة المناقصات».

ولا يبدو أنّ «القوات» تعيش «فوبيا» حجمها النيابي بعد إقفال صناديق الاقتراع نظراً الى نوعية تحالفاتها وإخفاقها في اختيار مرشحين أقوياء وأصحاب حيثيات في دوائرهم كما في كسروان وزحلة والشمال الثالثة، «نحن واثقون من قدرتنا على حصد كتلة نيابية وازنة تفرض نفسَها عندما يحين أوان تأليف الحكومة، وسنواجه أيّ محاولة لمحاصرتنا لاستكمال معركة الإصلاح ومواجهة الفساد».