على أهمية التأكيدات الرسمية بضرورة كشف كل الملابسات المتصلة بحادثة الاعتداء على الدورية الإيرلندية ومقتل أحد أفرادها في بلدة العاقبية، وهذا ما شدّد عليه كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، فقد بدا واضحاً من خلال محاولات تأخير التحقيقات في هذه الحادثة الدموية، من قبل مؤيدين لـ«حزب الله»، أن هناك من يسعى للتأثير على التحقيقات وحرفها عن وجهتها الحقيقية، بما يجعل من الصعوبة بمكان كشف تفاصيل ما جرى، وتالياً توقيف المعتدين والمتسببين بمقتل الجندي الإيرلندي، وجرح رفاقه الثلاثة, بعدما كشفت المعلومات أن مطلقي النار هم من البيئة الحاضنة للحزب، في وقت يتوقع أن تبدأ اللجنة العسكرية الإيرلندية التي وصلت إلى بيروت عملها لكشف حقيقة الجريمة التي استهدفت وحدة بلادها. في حين علم أن قيادة «اليونيفيل» ترفض أي محاولة من جانب أي طرف لتمييع التحقيق، وأنها تصرّ على كشف الحقيقة كاملة، ومعرفة هويات الجناة الذين أطلقوا النار على الدورية الإيرلندية، ومن يقف خلفهم. وهذا ما ستشدد عليه البعثة الإيرلندية، وسط تأكيدات على أن المجتمع الدولي يصرّ على كشف كل الملابسات المتصلة بهذه الجريمة التي استهدفت الجنود الدوليين، وتحديد الجهات الفاعلة والمحرّضة، لتعريتها أمام الرأي العام المحلي والخارجي.
ومع وصول بعثة التحقيق الإيرلندية إلى بيروت، فإن وتيرة الضغوطات تتزايد على السلطات اللبنانية، من أجل الإسراع في استكمال تحقيقاتها بشأن هذه الجريمة، وعدم الرضوخ لأي طلب من جانب الحزب أو من يدور في فلكه، من أجل تأخير هذه التحقيقات، وتالياً عدم تسليم المتهمين للقضاء. وهذا أمر لن يكون في مصلحة لبنان، ما يستوجب من الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية العمل على إنجاز التحقيقات، ليكون الجميع في الداخل والخارج على بيّنة مما حصل، ومن هي الجهات التي تقف وراء ما جرى. وكشفت المعلومات أن البعثة الإيرلندية ستبقى في لبنان أياماً عدة، من أجل تكوين صورة وافية في تحقيقاتها عن كامل الرواية بشأن ملابسات مقتل الجندي الايرلندي، وتحديد الجهات المتورطة في هذه الجريمة، على أن يكون موقف حاسم للقوات الدولية من هذا الموضوع عند انتهاء التحقيق، وإطلاع الرأي العام على النتائج.
وتكشف معلومات لـ«اللواء»، أن القوات الدولية تنظر بكثير من القلق إلى ما جرى، كونها المرة الأولى منذ وقت طويل، التي تتعرض فيها إحدى دورياتها لإطلاق النار، ومقتل أحد عناصرها. الأمر الذي طرح علامات استفهام كبيرة عن الأهداف والأبعاد وراء ما حدث. وهذا ما دفع الرئيس ميقاتي، إلى الدعوة لعدم الاستخفاف بما جرى، كونه يدرك أن العمل الإجرامي هذا، يحمل الكثير من الرسائل التي لا يجب تجاهلها أو تجاوزها، ما يحتم على الأجهزة الأمنية والقضائية، كشف الحقيقة بتجرد، لمحاسبة الفاعلين الذين يقفون وراء حادثة الاعتداء، سواء كانت مدبرة أو وليدة ساعتها، باعتبار أن هناك تداعيات لا يستهان بها على لبنان، في حال تبيّن أن هناك جهات تقف وراء هذا العمل الإجرامي.
وأشارت المعلومات الى أن رسائل دبلوماسية تلقّاها لبنان في الأيام القليلة الماضية، بوجوب التعامل بكثير من الواقعية والشفافية في إطار التحقيقات الجارية مع حادثة العاقبية، باعتبار أن سمعة لبنان ومصالحه على المحك . ولا يجوز تالياً أن يكون هناك أي تأثير للحزب على مجريات التحقيق، بهدف حرفه عن مساره. كذلك الأمر فإن من الأهمية بمكان أن يحصل تعاون شفاف مع لجنة التحقيق الإيرلندية، لتبيان الحقيقة وكشف كل الملابسات التي تحيط بهذه الواقعة. في وقت تعهد الوزير سليم لقائد القوات الدولية، بأن التحقيق حريص على الوصول إلى النتائج التي تكشف كل الوقائع المتصلة بالحادثة.
توازياً، ومع استمرار المأزق الرئاسي، أكدت أوساط سياسية معارضة لـ«اللواء»، أن «الإدارة الأميركية تتحضر لمعاقبة المتورطين في تعطيل الاستحقاق الرئاسي، بعد الرسالة التي بعثت بها لجنةُ العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي إلى وزيرِ الخارجية أنطوني بلينكن، وإلى وزيرة الخزانة جانيت يلين، بدعوتهما إلى «مساءلة أولئك الذين يقوضون المؤسسات وسيادة القانون في لبنان، بما في ذلك فرضُ العقوبات»، مشددة على أن واشنطن لن تسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه، وأنها ستجد نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات تعيد الأمور إلى نصابها، بعدما حثت اللجنة الإدارة الأميركية على «إبداءِ الدعم القوي لسيادةِ لبنان وللمؤسسات وسيادة القانون بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين».