IMLebanon

“مأسسة” الإدارات العامة التجارية بعيداً عن السياسة

 

“الجمهورية القوية” يُطلق “المؤسّسة المستقلّة لإدارة أصول الدولة”

 

 

*الحاج: – الهدف بناء دولة تتمتّع بمالية قوّية لتعزيز إيراداتها

– المشكلة في اعتماد الدولة على تمويل مصرف لبنان

*عقيص: – نريد كفّ يد السلطة السياسية عن إدارة أملاك الدولة

– الدولة تتحمّل جزءاً من الإنهيار مع المصارف و”المركزي”

*حاصباني: – ستعتمد التشركة corporatization أي “مأسسة” أملاك الدولة

– صندوق النقد يؤيد إدارة أصول الدولة بطريقة مستقلة

 

أطلق تكتّل «الجمهورية القوية» أمس «المؤسسة المستقلّة لإدارة أصول الدولة» التي تهدف الى تعزيز موارد الخزينة والمساهمة في حصّة الدولة من توفير السيولة لتسديد الودائع وإصلاح مؤسسات القطاع العام وإبعادها عن التأثير السياسي.

 

وتوفير السيولة للمساهمة في تسديد الودائع يعتبر أمراً صعباً بالنسبة الى صندوق النقد الدولي الذي يرفض استخدام أصول الدولة باعتبارها ملك الأجيال المقبلة. من هنا أكّد رئيس مجلس الوزراء السابق النائب غسّان حاصباني لـ»نداء الوطن» أن تكتل الجمهورية القوية «على تواصل مع إدارة الصندوق وهو موافق على إدارة أصول الدولة بطريقة مستقلّة مع المحافظة على ملكيتها، لكنه يتّجه الى اعتماد سياسة شطب الودائع».

 

ولفت الى أن «المقاربة من خلال تلك المؤسسة، تأمين جزء من السيولة المطلوبة من الدولة إضافة الى السيولة المطلوب تأمينها من المصارف مقابل جزء من التزاماتها تجاه المودعين».

 

شارك في المؤتمر الذي عقد أمس في قاعة مؤتمرات فندق Citea Apart Hotel في الأشرفية الى جانب حاصباني، النائبان جورج عقيص ورازي الحاج اللذان استعرضا خلال المؤتمر تفاصيل اقتراح قانون «المؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة» الذي تقدّم به حزب القوات اللبنانية عبر تكتّله.

 

وحضر كلّ من النوّاب الياس اسطفان، جهاد بقرادوني، نزيه متّى، وممثلو وأعضاء السلك الدبلوماسي، وممثلو وأعضاء المنظمات المالية والاقتصادية المحلية والعالمية. وتمّ عرض تفاصيل اقتراح قانون «المؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة» الذي تقدّم به حزب القوات عبر تكتّله في مؤتمر أقيم أمس في قاعة مؤتمرات فندق citea Apart Hotel في الأشرفية.

 

شدّد المسؤول في جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية مارك سعد في كلمته الإفتتاحية على أنّ «القوات وتكتّل الجمهورية القوية أخذا على عاتقهما المواجهة ليس فقط في السياسة وفي الأمور السيادية، بل المواجهة بنفس القوة والتصميم والإرادة في كافة المجالات وفي مختلف القطاعات، بعد أن أدّت سياسة التعطيل الممنهج والفساد المنظم إلى زعزعة بنيان الدولة».

 

إخراج الدولة من التسييس

 

ثم عرض النائب حاصباني لأهمية الإصلاح الذي لا يمكن أن يتحقّق من دون إدارة سليمة وإدارة مهنية مستقلة من الدولة لإخراجها من التسييس. وقال إذا تفعّلت مؤسسات الإتصالات والكهرباء والمياه والمرافئ والريجي والمطار وخطوط الطيران والسكك، تزيد عائداتها من خلال إدارة مستقلّة عن السياسة، وتسديد حصّة ما هو مطلوب من الدولة. وبذلك يتمّ توفير السيولة من المصارف من جهة ومن الدولة من جهة أخرى ومن مصرف لبنان من جهة ثالثة.

 

مشيراً الى أن «إدارة أصول الدولة تتمّ من خلال التشركة كخطوة إصلاحية، من متخصّصين بإدارة الأصول على أن تتمّ الرقابة من جهات دولية». لافتاً الى أن «تلك المقاربة هي للمدى القصير والطويل وتوفير شبكة الأمان الإجتماعي بشكل عادل لكل اللبنانيين».

 

وفي عرض تصويري لوضع المؤسسات التي يمكن تشركتها كمرافق الدولة والريجي ومؤسسات المياه، والإتصالات، والسكك والمطار والمرافئ والكازينو، بيّنت أرقام تقريبية أن العائدات الإجمالية المقدّرة للعام 2019 كانت بقيمة 4 مليارات دولار، والعائدات المتوقعة حالياً هي نحو 542 مليون دولار في حين أن الإيرادات المحتملة هي 5800 مليون دولار.

 

إدارات الوزارات التجارية

 

وأشار حاصباني إلى أن «القانون المقترح للمؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة يشمل إدارة الوزارات ذات الطابع التجاري، ومنها الاتصالات والكهرباء والمياه والمرافئ والمطارات والكازينو والريجي، والخطوط الجويّة وحتى سكك الحديد».

 

وبيّن أن «هذه المؤسسات إذا تمت إدارتها بطريقة مهنية ومستقلة عن السياسة يمكن أن تزيد عائدات الدولة وأن تُحسن خدماتها ما يؤثر إيجاباً على الاقتصاد والخزينة، وقد تساهم في تسديد ما هو مطلوب من الدولة لتوفير السيولة لتسديد الودائع».

 

واعتبر حاصباني أن «الودائع يُعاد تكوينها من قبل المصارف أولاً، التي هي مسؤولة جزئياً عن الفجوة المالية، ومن الدولة أيضاً التي تقع عليها مسؤولية مشتركة مع المصارف لإعادة أموال المودعين عبر أي وسيلة كانت».

 

مشدّداً على أن القانون المقترح هو خطة لا بد منها كخطوة إصلاحية قائمة على مبدأ «التشركة» اي أن تكون كل مؤسسات الدولة شركات مملوكة منها، وأن تكون إدارتها المهنية من قبل متخصصين بإدارة الأصول والاستثمارات مع تفعيل رقابة عليهم من جهات مستقلة دولية او محلية لتراقب أداء هذه المؤسسات، على أن يبقى دور الدولة تشريعياً وتنظيمياً وتخطيطياً للانطلاق بعملية الإصلاح والتعافي الشامل والمتكامل للقطاع العام.

 

إقتراح القانون: خاضع للمشاورات العامة

 

بدوره عرض النائب عقيص للشقّ القانوني فقال «نعلن اليوم رسمياً إطلاق المؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة بعد تقديم إقتراح القانون الخاص به من كتلة القوات اللبنانية الى مجلس النواب. وأشار إلى أن لجنة مصغّرة تدرس القانون وهو خاضع للمشاورات العامة وبالتالي يمكن إجراء أي تعديل عليه بعد الإستماع الى الآراء كافة».

 

استعرض النائب جورج عقيص الشق القانوني للقانون المقترح، مشيراً الى ان حزب القوات اللبنانية يدرس صياغة قانون عن المشاورات العامة، أي أن أي مشروع قانون حيوي لا يجب أن يُقدم الى الجمهور والى المجلس النيابي لإقراره إلا بعد التشاور به والحصول على أكبر قدرٍ من الآراء والاقتراحات والانتقادات من الجمهور المعني بهذا القانون، وهذا ما يطبقه نوّاب التكتل اليوم من خلال عرض تفاصيل قانون المؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة أمام الجميع للنقاش العام.

 

وقال عقيص إن «لقاء اليوم هو جزء من سلسلة لقاءات بدأها نواب التكتل للإستماع الى آراء المعنيين من مؤسسات مالية دولية أو اقتصاديين أو منظمات داخلية لها علاقة بشكل أو بآخر بهذا الموضوع».

 

لافتاً الى أن «الانهيار الاقتصادي الذي وصلنا اليه يحمل مسؤوليته ثلاثة أفرقاء: المصارف، مصرف لبنان والحكومة وأي قانون يجب أن يُطرح للتشريع لا بدّ أن يتبنّى مبدأ توزيع الخسائر، لذا فإن القانون المقترح يندرج ضمن هذا الإطار فإذا كانت الدولة مسؤولة عن جزء من هذه الخسائر ومنها خسائر المودعين يجب أن تنفق من إيراداتها الجزء الذي تتحمّله من مسؤولية الإنهيار المصرفي.

 

وأشار عقيص إلى أن «العملية هي تشاركية والهدف منها إدخال تقنيات القطاع الخاص على أصول الدولة، على الرغم من أنّ عدداً من الصعوبات الأساسية يكمن في تكييف هذا الفكر ضمن الإطار القانوني، إلا أنّه لا بدّ من التحلّي بالجرأة المطلوبة واتخاذ هذه الخطوة، لأنها تفتح الطريق نحو التعافي والإصلاح.

 

وختم عقيص حديثه بالقول إن التكتل مصرٌّ على هذا الاقتراح وسيُكمل به حتى النهاية لأهمية تحسين إدارة أصول الدولة ولزيادة عائداتها وتحسين الخدمات للناس من دون أن تتخلى الدولة عن ملكية أصولها أو نزع ملكيتها وأرباحها عنها.

 

سبب الإنهيار: الإعتماد على تمويل «المركزي»

 

وبدوره أجرى النائب رازي الحاج، مداخلة فقال إن الأزمة التي نمرّ بها اليوم ليست نقدية فقط والانهيار المتزايد والمستمرّ سببه الرئيسي هو مالية الدولة التي لا تزال تعتمد بشكل رئيسي على تمويل مصرف لبنان سواء من خلال العملة الصعبة وما تبقّى من احتياطي مكوّن من الودائع أو بمزيد من طبع العملة.

 

وشدّد الحاج على أن «الهدف الأساسي اليوم هو بناء دولة تتمتّع بمالية قوية قادرة على تعزيز إيراداتها بموازنة تعتمد على مداخيل ضريبية وغير ضريبية وعلى نفقات استثمارية، وبالتالي هذا القانون مهم جداً في هذه المرحلة وفي كل المراحل القادمة، ولن نقبل أن تبقى أصول الدولة مرتعاً للفساد والمحسوبية وأن تستمرّ هذه الإدارة بالإمعان في ضرب مصالح اللبنانيين.

توزيع العائدات

 

تنشأ المؤسسة المستقلة لإدارة أصول الدولة Public Assets Management Institutions عبر تشركة Corporatization الهيئات والإدارات والمؤسسات العامة التي تقوم بعمل ذي طابع تجاري.

 

وتُنقل مسؤولية الوصاية والإشراف من الوزارات الى المؤسسة المستقلّة. على أن تبقى مهام الهيئات الناظمة المسؤولة عند تنظيم القطاعات من دون تغيير.

 

لا تُخصخص هذه الشركات ويبقى قانون الشراكة مع القطاع الخاص والمجلس الأعلى للخصخصة قائماً. أما مجلس إدارة المؤسسة المستقلّة لإدارة أصول الدولة بآلية شفّافة فينصّ عليه القانون ووفق معايير رقابية عالية. وتقسّم العائدات المحصّلة من الشركات بين خزينة الدولة وصندوق إعادة تكوين الودائع.

 

المهام الأساسية للمؤسسة

 

تتولّى المؤسسة المستقلة المهام الأساسية التالية كما جاءت في اقتراح القانون:

– إبرام عقود التشغيل القطاعية ومتابعة ومراقبة تنفيذها.

 

– تعيين مجالس إدارات المؤسسات الموضوعة تحت إشرافها وإدارتها والقيام بأعمال الجمعية العمومية للمؤسسات الموضوعة تحت إشرافها وإدارتها واقتراح تعديلات في ملكية المؤسسات الموضوعة تحت إشرافها وإدارتها وتلقي العائدات والأرباح التي تحقّقها الشركات الخاضعة للمؤسسة المستقلة بعد حسم المصاريف التشغيلية والاستثمارية لهذه الشركات.

 

– توزيع مجموع تلك الأرباح سنوياً الى خزينة الدولة من جهة والى صندوق إعادة تكوين الودائع الذي ينشأ وتحدد نسبة حصته من التحويلات وفقاً لقانون يصدر عن مجلس النوّاب.