لا شك في أنّ خطاب السيّد حسن نصرالله الهادئ، لأوّل مرة تقريباً، خلق شعوراً عند الناس غريباً عجيباً، إذ إنّ البعض فوجئ بهذا الهدوء ونسيَ هزّة الإصبع وشعر بأنّ هذا الرجل وكأنه فوجئ باستقالة الرئيس سعد الحريري، مثلما فوجئ بها اللبنانيون جميعاً.
ولدينا هذه الملاحظات:
أولاً- تحدّث سماحة السيّد كثيراً ومطوّلاً عن ضرورة الأمن والإستقرار وهو مشكور على هذا التوجيه ولكن نريد أن نسأله: مَن يستطيع أن يخرّب الأمن إلاّ حامل السلاح؟ ومَن عنده رخصة حمل السلاح تحت شعار مقاومة إسرائيل غير “حزب الله”؟
ثانياً- يعيب السيّد على السعودية تدخلها في اليمن… لماذا ممنوع على السعودية أن تتدخّل في جارتها اليمن ومسموح لـ”حزب الله” أن يرسل السلاح والخبراء والمقاتلين الى اليمن على بُعد آلاف الكيلومترات؟
ثالثاً- كيف يسمح السيّد لنفسه أن يرسل “حزب الله” للقتال في سوريا منذ خمس سنوات ما أدّى الى سقوط 3000 شاب من خيرة شباب لبنان، وعشرة الاف معاق؟ فلماذا أرسلهم الى سوريا؟ وأين سياسة النأي بالنفس؟
رابعاً- اكتشفت الكويت “خليّة العبدلي” التي كان فيها عشرة آلاف بزّة عسكرية تحضيراً لإنقلاب في الكويت، ونسأل السيّد: مَن أرسل تلك البزّات العسكرية؟ وبأمر مَن؟ ومَن سدّد ثمنها؟ هل اللواء قاسم سليماني أم ولاية الفقيه؟
خامساً- تدخلت إيران و”حزب الله” لدعم الشيعة في البحرين فقامت التظاهرات والاضطرابات ولولا تدخل السعودية وقوات “درع الخليج” لكانت البحرين اليوم مثل سوريا وليبيا والعراق.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يقول السيّد حسن نصرالله إنّ الحريري كان مرتاحاً ومتجاوباً وكانت تسهيلات كثيرة قد أُعطيت له، ونود أن نذكّره بالمعاناة الكبيرة التي عاناها الحريري ما دفع عدداً كبيراً من قيادات “المستقبل” لانتقاد الرئيس الحريري واعتباره أنه يراعي “حزب الله”، علماً اننا لو ذكرنا المعاناة التي عاناها الحريري فنلخصها ببعضها القليل:
1- يوم تشكيل الحكومة كان مفروضاً أن تكون حكومة معتدلين ولكن بسبب تمسّك “حزب الله” برموز 8 آذار غير معتدلين (ولا نذكر الأسماء هنا) كان هذا بمثابة التنازل الأوّل لسعد الحريري.
2- التنازل الثاني: دخل سعد الحريري الى الحكومة ببيان النأي بالنفس، وكان يتوقع أن يرتد “حزب الله” من سوريا لأنّ رئيس الحكومة أعطى الحزب رئيس الجمهورية الذي رشحه الحزب، ولكن النتيجة كانت المزيد من التورّط في سوريا.
3- بدأت معركة ذهاب الوزراء الى دمشق… فاخترعوا حجة ضرورة الذهاب الى سوريا بحجة إقتصادية مزعومة للإستفادة من المعرض.
4- فيما الولايات المتحدة الأميركية وضعت “حزب الله” وإيران على لائحتي الإرهاب والعقوبات المشدّدة… ولكن بقيَت السلطة تعتد بحلفها مع الحزب.
5- كنا نأمل من فخامة الرئيس العماد ميشال عون في مؤتمره الصحافي عشية بدء السنة الثانية من عهده أن يرد على السؤال حول سلاح “حزب الله” بغير ما أجاب إذ قال إنّه مرتبط بأزمة الشرق الأوسط، ما يعني أننا متمسّكون بهذا السلاح…
كلمة أخيرة نقولها بالنسبة الى ما قاله السيّد حول انتفاء الخطر على سعد الحريري بشهادة الأجهزة الأمنية، فنسأل السيّد: مَن يقدر أن يضمن ألاّ يتعرّض الحريري الى الإغتيال؟ وبأي ضمانة أمنية؟
ونود أن نذكّر السيّد حسن، ولعلّه نسيَ، أنّ الجهة الوحيدة المتهمة من المحكمة الدولية بقرار اتهامي واضح، باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي “حزب الله”.
عوني الكعكي