تكثر التساؤلات عن مدى جدية الحكومة في إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في دائرتي كسروان وطرابلس، سيما وأن المؤشرات لا توحي بكثير تفاؤل بإمكانية إجراء هذا الاستحقاق في موعده، بالرغم من المطالبة الشعبية والسياسية في آن بإنجازه في وقته الدستوري. لكن ما صدر من مواقف رسمية حتى الآن في العلن وفي السر، لا يعزز فرضية السير بإجراء الانتخابات في الموعد المقرر الذي يُرجح أن يكون في شهر أيلول المقبل، إذا سارت الأمور على ما هو مرسوم لها، خاصةً وأن قوىً سياسية بارزة تستبعد أن تلتزم الحكومة بإجراء الانتخابات في موعدها، لأن هناك من في السلطة لا يريد لهذا الاستحقاق أن يحصل لاعتبارات سياسية ومناطقية عديدة، وبالتالي فإنه ليس مستبعداً أن يُصار إلى تأجيل الانتخابات بذريعة الظروف الراهنة وتفادياً لإحراجات قد تتسبب بها نتائج الانتخابات لأكثر من طرف سياسي في الحكومة.
وفي هذا الإطار، أبلغت مصادر سياسية بارزة في عاصمة الشمال «اللواء»، أنه استناداً إلى المعلومات التي تملكها، فإن السلطة غير جادة في إجراء الانتخابات الفرعية في طرابلس لملء المقعدين العلوي والأرثوذكسي الشاغرين لأسباب عديدة وخشيةً من النتائج التي قد لا تصب في مصلحة بعض أركان السلطة، استناداً إلى ما أفضت إليه الانتخابات البلدية الأخيرة التي عكست بوضوح المزاج الشعبي لدى الطرابلسيين، وهو ما قد يتكرر في الانتخابات الفرعية في حال حصولها، ولذلك لا يجد أهل السلطة حماسةً للسير بإجراء هذا الاستحقاق في موعده وانتظار الظروف الملائمة وربما حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.
وتشير المصادر إلى أنه ورغم الاستعدادات التي أبدتها وزارة الداخلية والبلديات لإنجاز الاستحقاق في موعده إذا توفر القرار السياسي بذلك، إلا أن المعطيات حتى الآن لا تدل على أن هناك جدية حقيقية لدى المسؤولين في التعامل مع هذا الملف كما يُفترض، استناداً إلى نتائج الإحصائيات والدراسات التي أُجريت في الأشهر القليلة الماضية والتي جاءت معاكسة لرغبات البعض من أهل السلطة، ما يعني أن الأمور لا تصب باتجاه إجراء الانتخابات في الموعد المنتظر، بالرغم من الدعوات للالتزام بالدستور والقوانين المرعية الإجراء لتفادي تمديد الفراغ حتى موعد الانتخابات النيابية العامة في أيار المقبل.
ولا يختلف الوضع عليه في دائرة كسروان، عما هو في طرابلس، بالرغم من أن حظوظ العميد المتقاعد شامل روكز هي الأعلى للفوز بالمقعد الماروني في هذه الدائرة، في حال جرت الانتخابات في الشهرين المقبلين، لكن حتى الآن يبدو أن هناك قوىً سياسية لا تريد أيضاً السير بهذا الاستحقاق لأنها لا تضمن فوز مرشحها ولذلك فهي تفضل تأجيل الاستحقاق إلى مرحلةٍ لاحقة، أو ربما السير به مرغمةً وللوقوف على مدى حضورها الشعبي والانتخابي الذي سيعطيها صورةً لمسار التطورات الانتخابية في الاستحقاق النيابي العام المقبل، بانتظار ما ستقرره الحكومة على هذا الصعيد، إما تأكيداً على إجراء الانتخابات الفرعية، أو الأخذ ببعض النصائح بما يؤدي إلى تأجيلها أو تطييرها لأسباب عديدة.
في المقابل، فإن مصادر وزارية أبلغت «اللواء»، أن رئيس الجمهورية عازمٌ على إجراء الانتخابات الفرعية في موعدها المحدد ولن يوافق على تأجيلها أو إلغائها، التزاماً بالدستور الذي أقسم على احترامه، والأمر نفسه بالنسبة إلى رئيس الحكومة سعد الحريري، بالرغم من كل ما يُقال ويُكتب عن أنه ليس متحمساً لإجراء الانتخابات، لا بل على العكس، فإنه يدعم حصول هذا الاستحقاق في وقته، التزاماً بالمبادئ الديموقراطية ولكي تعبر الناس عن رأيها في إيصال الشخص الذي تراه مناسباً إلى الندوة النيابية، بصرف النظر عن النتائج المتوقعة.