إذا كان المسؤول عن تنفيذ مقرّرات مؤتمر «سيدر 1» السفير الفرنسي بيار دوكان، قد أنهى جولته في بيروت بانطباعات مبدئية، وإنما غير محسومة حول التزام الحكومة بالمشاريع الإصلاحية، فإن مصدراً وزارياً مطلعاً، جزم بأن الحرب المعلنة على الفساد والإلتزام بالإصلاح مستمرة في ضوء توافق سياسي على اعتماد خطة إصلاحية في مهلة زمنية لا تتخطى الثلاثة أشهر، من أجل نقل الوضع الداخلي من ضفة إلى أخرى، وذلك، بصرف النظر عن كل التباينات والخلافات السياسية. وكشف المصدر عن انسجام وتناغم بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري، على مراعاة كل الوعود المقطوعة للمجتمع الدولي وللموفد الفرنسي أخيراً، بالنسبة لخفض العجز وتقليص الإنفاق ورفع نسبة النمو. وأضاف أن المحادثات التي أجراها المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مقرّرات «سيدر 1»، قد عكست واقعاً مزدحماً بالأزمات، مقابل توجه بالمعالجة مشوب بالتوتّر والخشية من الإنقسام الداخلي على خلفية الوقوف في وجه كل ما من شأنه تعميق الأزمة المالية من جهة، وتفويت الفرصة على لبنان، من جهة أخرى، لكي يستفيد من المليارات التي قدمتها الدول المانحة على شكل قروض، أو ديون جديدة في المرحلة المقبلة.
ومن هنا، أكد المصدر الوزاري نفسه، أن الإنطلاقة الحكومية ما زالت في بدايتها، كاشفاً عن نوع من الفرملة فرضها الخلاف السياسي حول مكافحة الفساد، والذي أخذ مجمل العملية في اتجاهات معاكسة للإتجاه المنشود من قبل الفريق الحكومي أولاً، والدول المانحة ثانياً. وتحدّث عن تحفّظات فرنسية ودولية أيضاً، تبلّغتها الأطراف السياسية التي عرضت واقع المشاريع التي ستموّلها مليارات «سيدر 1»، موضحاً أن دوافع هذا التحفّظ هو عدم تسجيل تغييرات بارزة في طريقة الإدارة للإقتصاد والمالية اللبنانية، وبالتالي، استمرار الحذر لدى الدول المانحة من أن تبقى الأوضاع على حالها من الناحية العملية، مع اقتصار عملية محاربة الفساد على الشعارات فقط.
ورأى المصدر الوزاري، أن رئيس الحكومة سعد الحريري، حريص على عدم الدخول في أية سجالات سياسية، بصرف النظر عن العنوان المرفوع لها، لأن الإنزلاق في فصول التراشق الإعلامي من جديد، سيدفع نحو تعطيل كل الآليات الحكومية الموضوعة من أجل التركيز فقط على مؤتمر «سيدر 1»، وتطبيق مندرجاته. لكن هذه المعطيات، لا تؤكد بالضرورة أن الدول المانحة تتّجه إلى تمويل الورشة المقبلة، والتي تتضمّن المشاريع التي جرى الحديث عنها بالنسبة لإعادة تأهيل البنية التحتية، وإطلاق العجلة الإقتصادية في البلاد، وتخفيض العجز في الخزينة العامة.
وفي هذا المجال، تحدّث المصدر الوزاري عينه، عن تشدّد في الموقف الدولي ظهرت بعض معالمه في كلام الموفد الرئاسي الفرنسي إلى المسؤولين اللبنانيين، حيث شدّد على وجوب عدم إضاعة الوقت، خصوصاً وأنه قد مرّ نحو الشهر على تشكيل حكومة «إلى العمل» ولم يتم حتى الساعة تسجيل أي تحوّل بارز على صعيد تطبيق الخطة الإصلاحية الملحوظة في البيان الوزاري، وذلك نتيجة الإصطفافات السياسية العامودية، مع العلم أن الجلسة الأخيرة للحكومة قد لحظت ديناميكية واضحة بالنسبة لبعض الملفات، ولكنها لم تصل إلى مستوى التأكيد على انطلاقة عملية الإنقاذ المطلوبة من أجل الخروج من الوضع الإقتصادي المتردّي.