Site icon IMLebanon

المجتمع الدولي … كذبة كبيرة

الخوض في الشأن الانتخابي، خصوصاً في ظل هذا القانون الهجين، اصبح نوعاً من التنجيم المملّ الذي لا يقوم على قاعدة ثابتة، وهو في معظم الاحيان يعكس تمنيات ورغبات، اكثر مما يقدم للناس حقائق او نصف حقائق، قياساً على برج بابل التحالفات التي «لا تركب في بعضها على قوس قزح». وما يقوله اليوم عرابو هذا القانون الجديد، من انكار لابوته، ما هو سوى تنصل مؤخر من خطوة في المجهول، لا يعرف الى اين يمكن ان تأخذ لبنان بعد تاريخ السادس من شهر ايار المقبل، لذلك، وتحذيراً من غرق اللبنانيين في هم لا قعر له ولا سقف، لن ادخل في مقالتي اليوم باي حمى انتخابية من شأنها اذا استمرت على هذا المنوال من الاتهامات والاتهامات المتبادلة، التي وصلت الى سقف التخوين والعمالة، ان تأخذ اللبنانيين الى متاريس عداء. وجدران كراهية، في مرحلة من اصعب مراحل لبنان المصاب منذ زمن بنقص في المناعة الوطنية، بحيث ينسى اللبنانيون ما يحصل في سوريا، وما يمكن ان يحصل في فلسطين، وما يحصل في هذين البلدين الجاريين، كبير وخطير وانعكاساته على لبنان لن تكون برداً وسلاماً، بل ناراً ودماراً ودماء وجثثاً بمئات الالوف، ويخطئ كثيراً كثيراً من يعتقد ان المجتمع الدولي والدول الكبرى في هذا المجتمع، حريصة على استقرار لبنان وسلامة شعبه، وهي ذاتها التي حولت سوريا والعراق وفلسطين وليبيا، الى مسالخ بشرية يذبح فيها الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ وشبان بمئات الالوف على مرأى ومسمع المجتمع الدولي والدول الكبرى وبسلاحها وصواريخها ودباباتها وطائراتها وجنودها.

ما حصل منذ بداية الالفية الثالثة من مجازر في عدد من الدول العربية وخصوصاً في سوريا، يشبه الابادة التي ارتكبها الاتراك بحق الشعب الارمني والسريان العرب في بداية القرن العشرين، ولم يقف المجتمع الدولي يومذاك، ولا الدول الكبرى لحماية الارمن والســريان من الهــمجية الــتركية تماماً كموقفها اليوم مما يحصل في سوريا وغير سوريا، وما يمكن ان يحصل في لبنان اذا لم يكن الشعب اللبناني وقادته على قدر عال من المسؤولية والحذر والتضامن.
* * * *
في حملات التهجير من مساقط الرؤوس التي تجرى في الغوطة الشرقية، وفي عفرين وقراها، وربما غداً في اماكن اخرى من سوريا، من ضمن تدفّق الآلاف من النازحين الى لبنان، عبر الحدود الشرعية والمعابر غير الشرعية، طالما ان المسؤولين غير متفقين على كيفية معالجة النازحين المستوطنين منذ سبع سنوات، واعدادهم التي تتزايد بعشرات الالوف كل سنة بسبب اقبال النازحين على الانجاب، وكأن هناك خطة مدروسة من اطراف عدّة، لتغيير وجه لبنان وهويته وديموغرافيته، ليس بعد زمن ولكن بعد سنوات قليلة، واذا عرفنا ان نسبة المسيحيين في لبنان تراجعت من 39 بالمئة الى 36 بالمئة في خلال ثماني سنوات وفق جداول شطب وزارة الداخلية، نستطيع ان نخمّن عددهم بعد سنوات قليلة ولو بعيداً عن اعداد النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، وتظاهرات التجنيس العشوائية.
القيادات اللبنانية على مختلف طوائفها ومذاهبها، اذا كانت تؤمن حقاً بانتمائها الى لبنان، عليها الكثير ان تفعله لحماية لبنان، وفي هذا المجال تتحمل القيادات المسيحية مسؤولية أكبر للنضال من اجل صيغة جديدة كفيلة بطمأنة المسيحيين الى غدهم، ولا يمكن وصف تحركهم هذا بالطائفي او العنصري او الانعزالي، بل وفق القاعدة الذهبية «ما متت، بس ما شفت مين مات».