Site icon IMLebanon

المحكمة الدوليّة ورأس حزب الله

 

يترقّب اللبنانيّون يوم الجمعة صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدوليّة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ويعرف اللبنانيّون سلفاً أنّ هذه المحكمة لن تتّهم في قرارها إيران ولا المقتول قاسم سليماني ولا عماد مغنيّة ولا أمين عام حزب الله حسن نصرالله، سياسيّاً هؤلاء كلّهم مسؤولون عن هذه الجريمة ومتورّطون فيها حتى النهاية، ولكن!

 

ثمّة مقال علينا استعادته هنا من أيار العام 2018، عمليّاً ليست المرّة الأولى التي يجري فيها الحديث عن هذا التوّرط في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سبق وقيل الكثير عن خضوع منفذي عملية اغتيال الحريري مباشرة، لسلطة وقيادة أمانة «حزب الله»، وأن الأمين العام للحزب، وسبق وقيل أنّ حسن نصرالله، قد يعتبر متهماً وفق نظام المحكمة، على الأقلّ لعدم اتخاذه التدابير اللازمة لمنع ارتكاب مرؤوسيه عملية الاغتيال، أو أنّه حرّض عليها، وموّلها»، أخيراً بعد كلّ هذا الكلام والتحليلات سيصدر القرار ومن دون شكّ هو سيترك أثراً كبيراً على الواقع اللبناني ولن يمرّ أبداً مرور الكرام.

 

ربّما علينا أن نعيد اللبنانيّين بالذاكرة إلى فتوى المرشد الإيراني علي الخامنئي في 21 كانون الأول من العام 2010 والتي اعتبر فيها «أنّ المحكمة شكليّة، ومرفوضة، وأيّ قرار أو حكم سيصدر عنها يعتبر باطلاً ولاغياً» هذا في طهران؛ أمّا في بيروت فربّما علينا تذكير اللبنانيين بالجملة الشهيرة للنائب وليد جنبلاط في لحظة «انقلاب جنبلاطيّة» عاش مرارتها الشعب اللبناني في 1 شباط من العام 2011 «فليعذرني الرئيس الحريري، ما من أحد يدوم ـ وقد نسمعها منه مرة ثانية أو نسمع أكثر منها أيضاً ـ  هذه المحكمة تقول بصراحة إنّ طائفة معيّنة قتلت زعيم طائفة أخرى، ولكن نستطيع أن نخفّف تلك النتائج، وأن نعيش في شكل مقبول، ولتقل المحكمة ما تريد قوله لأن هذا ليس من شأننا، في الداخل علينا أن نعيش وأن نتجنّب الحرب المذهبية» انتهى كلام جنبلاط.

 

في هذه اللحظة اللبنانية الدقيقة نعرف أنّه حتى مع صدور صيغة اتهام كهذه فلن تندلع حربٌ مذهبيّة، ولن يتهم اللبنانيون طائفة باغتيال الرئيس الحريري، وتوّرط حزب الله في سوريا كشف الكثير للطائفة الشيعيّة أكثر من كلّ اللبنانيين، بأنها أكبر ضحايا حزب الله!!

 

في 28 أيلول من العام 2013 نشرت صحيفة «نيويوركر» الأميركية تحقيقاً مطوّلاً للصحافي ديكستر فيلكينز عن كبير «إرهابيّي» إيران قائد «فيلق القدس» في حرس الثورة الإيراني الجنرال المقتول قاسم سليماني وعن إدارته لعملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، سبق وكتبنا في هذا الهامش في 16 شباط 2015 تحت عنوان الرئيس الشهيد و»لبننة» حزب الله: «في «سكرة» الحزن، كان غالبُ ظنّنا أنّ بشّار الأسد ومخابراته وحدها نفذّت الجريمة وذلك بسبب تاريخ القتل الطويل الذي أذاقه آل الأسد للبنان، وفي بيوتنا كان السؤال حاضراً دائماً «ما علاقة حزب الله؟ وشكوكنا حامت كثيراً حول معرفته بهذه الجريمة على الأقلّ»، ولكنّ الحملة التضليليّة التي انطلقت والتي تزعمّها أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليمتصّ أوّلاً ابتهاج جمهوره بمقتل الحريري وسعيه لأخذ اللبنانيين وشكوكهم باتجاه آخر فخرجت أحاديث تلك اللقاءات التي جمعته بالرئيس الشهيد ومطولات «الغرام» و»الودّ» من أهل «التقيّة» عبر التاريخ!!

 

وفي هذا المقال تحديداً، كتبنا عن الحوار الذي انخرط فيه رفيق الحريري مع أمين عام حزب الله وقلنا: «كان «الجمل بنيَّة، والجمّال بنيّة» كما يقول المثل الشعبي، كان رفيق الحريري قد استيقن أنّه من الصعب تعايش مشروعيْ «هونغ كونغ» وهانوي، أو مشروع الإعمار والدّمار (…) وإيران بدورها كانت محتاجة لخلاصة القول في رفيق الحريري ومشروعه، وبرأيي؛ هذه اللقاءات شكّلت خلاصة التقرير الذي رُفع للإيرانيين بأن الرّجل لا حلّ له ولا معه»، فكان الاغتيال في يوم أسود من تاريخ لبنان المعاصر.

 

مهما سيتأخّر الوقت يوم الجمعة المقبل سيرسم أخيراً نهاية حزب الله و»التقيّة الإرهابيّة» التي فرضها على لبنان طوال ثلاثة عقود من الكذب والعمالة لإيران.